لقد غادرت السودان الآن بعد 30 شهرا قضيتها هنا في منصب سفير المملكة المتحدة – وقت قصير جدا – ولكن كدبلوماسيين يجب علينا ان نذهب الى حيث يُطلب منا ومتى ما طُلب منا ذلك!
أنا بدات افتقد السودان بالفعل – لقد تأثرت بردود الفعل الرقيقة جدا على رسالة وداعي في التويتر ومنشور الفيسبوك على صفحة UK in Sudan عن عودتي إلى تدريس اللغة الإنجليزية في شرق النيل. وبصفتنا سفراء نقضي حتما الكثير من الوقت في التحدث مع زملائنا المسؤولين وحضور الاجتماعات الرسمية ولكنني حاولت قصارى جهدي للقاء أكبر عدد ممكن من السودانيين من عامة الشعب السوداني والذهاب إلى أحداث “حقيقية” في أكبر عدد ممكن من الولايات.
بعض من أفضل ذكرياتي كانت حضور حفلات الزفاف السودانية، الذهاب إلى مباريات كرة القدم، ومشاهدة مصارعة النوبة وبالطبع السفر في جميع أنحاء هذا البلد الجميل (شاهد مدونة فيديو حول هذا). لقد زرت 14 من 18 ولاية.
وأنا فخور بما حققناه خلال العامين ونصف العام الماضيين، والذي لم يكن ممكنا إلا بدعم وتعاون فريق السفارة البريطانية بأسره.
إن علاقتنا مع السودان باتت الآن في مكان مختلف – حوارنا الاستراتيجي راسخ، ونحن قادرون على إجراء مناقشات بناءة حول القضايا الصعبة، بما في ذلك حقوق الإنسان.
وفي حين أن التقدم المحرز في عملية السلام كان محدودا أكثر مما كنت آمل، فإن الحكومة والجماعات المسلحة ملتزمين بوقف إطلاق النار اللذي أعلنا عنه.
وآمل أن يكون عام 2018 هو العام الذي يتم التوصل فيه إلى اتفاقات سلام في كل من دارفور والمنطقتين.
لقد رفعت العقوبات الأمريكية، وهو ما جادلت به من اليوم الذي وصلت فيه إلى الخرطوم، وبدأت الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية الصعبة جدا ولكنها ضرورية. وكان تأثير الإصلاحات على المواطنين شديدا، وقد مارس البعض حقهم في الاحتجاج سلميا. لقد جادلت بقوة في القطاعين العام والخاص بأن احتجاز القادة السياسيين والناشطين دون تهمة أو محاكمة ليس هو السبيل للتعامل مع هذه القضية، وآمل كثيرا أن يتم الإفراج عن هؤلاء المحتجزين في وقت قريب جدا – وهذا ما وعده الوزراء لي قبل اليسار.
وسيكون التحدي القادم هو التحضير لعقد انتخابات حرة ونزيهة في عام 2020 . وسيتطلب ذلك إحراز تقدم في خارطة طريق الاتحاد الأفريقي، ولكنني أعتقد اعتقادا قويا بأن الأطراف المختلفة في السودان (حزب المؤتمر الوطني، حزب الشعب الديمقراطي، حزب الأمة القومي، حزب المؤتمر السوداني، الشيوعيون والجماعات المسلحة وأكثر من ذلك) قادرون على الجلوس معا والاتفاق على طريق للمضي قدما يمكن أن يؤدي إلى عودة الديمقراطية إلى السودان. إن مناقشاتي مع عدد لا يحصى من المواطنين السودانيين تشير إلى أن هذا هو ما يريده الشعب السوداني. إذا كان يمكن للسودان أن يجتمع بهذه الطريقة، كل شخص يعمل بجد في مصلحة البلاد ككل، أنا مقتنع بأن مستقبل البلاد سيكون مشرق.
وإنني أتطلع إلى العودة إلى سودان آمن ومستقر ينعم بالازدهار في المستقبل غير البعيد!
*سفير بريطانيا السابق مايكل أرون
التعليقات مغلقة.