الخرطوم: باج نيوز
في الرابعة فجراً، قبل الأذان بقليل، اتجه محمد عطا إلى سيارته الواقفة أمام مبنى جهاز الأمن والمخابرات، بعد يومٍ مرهق قضاه برفقة زميل الدراسة والعمل، ومن كان مديره سابقاً وعاد ليصبح كذلك من جديد، صلاح عبد الله “قوش”.
ركب عطا سيارته، وغادر إلى منزله، ليعود بعد ساعات قليلة إلى ذات المكان ويدخل في اجتماعات وتنويرات.
أما “قوش”، فلم يكن بأفضل حالاً من عطا، فقد عاد عصراً إلى منزله مجاملاً أهله الذين توافدوا إليه في “حي الراقي” فرحين بتجديد ثقة الرئيس فيه، وعاد ليلاً إلى مباني الجهاز ليجلس مع عطا، وقد طال الحديث حتى الفجر، وما زال متواصلاً.
بعد أداء القسم
رغم أن مصدراً مقرباً من مدير جهاز الأمن والمخابرات، صلاح عبد الله، قال لـ(السوداني) إنه عاد إلى منزله فجراً، وغادر صباحاً إلى القصر الجمهوري ليحضر اجتماع “ضبط سعر الصرف” برئاسة البشير، إلا أنه أطل بذات البدلة التي أدى بها القسم، أو هكذا خُيِّل لنا، مما جعلنا نسأل المصدر إن كان بات ليلته في مباني جهاز الأمن أم لا.
يقول المصدر: “لم يبت ليلته، لكنه كثير الإقامة في مكتبه ومقر عمله، وقد يفعلها في الأيام القادمة”.
اجتماعات مُغلقة جمعتهما في الساعات الماضية، ثم مفتوحة مع بعض مديري الإدارات، تنويرات لم تنتهِ حول ملفات معقدة وكثيرة، داخلية وخارجية.
يقول المصدر المقرب من “قوش”، إنه يثق في عطا، وإن الأمور ستمضي في سلاسة، مستبعداً أن ينتاب الفريق صلاح عبد الله أي شعور بعدم أمانة من حوله “لأنه من أذكى رجال المخابرات” أو هكذا قال.
تسليمٌ لم ينتهِ
ولأن عملية التسليم والتسلم في جهاز الأمن والمخابرات، لا تقتصر على توقيع أوراق أو “حمل الأغراض من المكتب”، طالت الجلسات التي جمعت قوش وعطا وربما تستمر لأيام إلى حين الانتهاء، خاصةً أن بعضها يرتبط بالتزامات مع جهات أخرى لا بد من الوفاء بها.
بل وبحسب خبراء سابقين في جهاز الأمن، فإن عطا من الممكن أن يحضر اجتماعات برفقة قوش غير تلك المعنية بالإدارات الداخلية، وأنه لا موعد محدد للانتهاء.
المقربون من عطا، خاصةً من أهله، أشاروا إلى ارتياحه أكثر من غيره، وإلى زهده أيضاً في أي منصب آخر، فرغم ما تردد عن تعيينه سفيراً في واشنطن أو وزيراً للداخلية، إلا أنه لن يقبل، كما أنه لا يفكر حالياً ماذا سيفعل.
من المتوقع كذلك، ولم يربط الرجلين، أن يُكرم عطا في مباني الجهاز على فترته التي قضاها، برعاية مباشرة من “صلاح عبد الله”
معلومات (السوداني) تؤكد بأن الرئيس أبلغ الفريق عطا بقرار الإعفاء قبل أيام، حيث قدم له شكراً وعرفاناً لما فعله أثناء تولي خدمته، وقد كان عطا مرتاحاً وشكر الرئيس أيضاً على ثقته فيه خلال الفترات السابقة.
ما رصدته الأعين أثناء احتفال الكلية الحربية أمس الأول، أن ابتسامة عطا لم تفارقه كثيراً، كان هادئاً ومازح بعض الحضور والضيوف، وتحدث مع “صلاح عبد الله” أكثر من مرة.
زيارات لم تنقطع
الزيارات بين رجلَي المخابرات، لم تنقطع كثيراً، فظل التواصل الاجتماعي بينهما موجوداً والزيارات المتبادلة والمكالمات أيضاً، يقول مقربون أن لا حساسية بينهما حتى وإن ظن البعض ذلك.
وقبل أكثر من عامين، سألت (السوداني) في حوار صحفي، الفريق أول محمد عطا عن علاقاته بصديقه الفريق أول صلاح عبد الله، وذلك بعد أن ترددت أنباء إلى فتور العلاقة بينهما.
غير أنه نفى ذلك قائلاً: “أنا وصلاح التقينا قبل أيام، علاقتي مع صلاح لم تبدأ بالعمل في الجهاز، فنحن دفعة في جامعة الخرطوم كلية الهندسة، صلاح درس هندسة مدنية وأنا ميكانيكا، درسنا سنتين مع بعضنا قبل أن يذهب كل منا إلى تخصصه الأكاديمي، وليس لأننا دفعة فقط، ولكن أنا وصلاح كنا صديقين، وهذه الصداقة لم تنتهِ بتخرجنا من الجامعة عام 1982م، لكن عملنا معاً قبل الالتحاق بجهاز الأمن، والعلاقة مع صلاح ليست علاقة عمل، وهي ما زالت مستمرة ومتواصلة”.
وواصلت السوداني سؤالها إن تأثرت العلاقة بإقصاء قوش من رئاسة الجهاز، غير أنه أكد أن ذلك لم يكن سبباً في اختلافهما، فحتى إن كانت التقديرات السياسية متباعدة، إلا أنها لا تفسد للود قضية، كما قال.
نقلاً عن السوداني
التعليقات مغلقة.