باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

د. عمر كابو : قوش تارة أخرى

ويبقى الود

829

في شأن الحكم حكى لنا القرآن جدال بني إسرائيل ورفضهم لتعيين طالوت ملكا عليهم حين قالوا (أنىّ يكون له الملك علينا ) وعللوا سبب رفضهم له بأنه فقير لا يملك مالا ( ولم يؤت سعة من المال) فكان الرد عليهم (إن الله زاده بسطة في العلم والجسم )
من هنا إستخلص العلماء شرطي التكليف للوظيفة العامة وهما توفر الحد الأدنى من الإلمام بالعلوم الشرعية التي تؤهلك للإحاطة بالجوانب الفنية و مجاراة أهل الاختصاص ومتابعة التكاليف و إستبصار كنه الأشياء و أن يكون الحاكم له قدرة على التحقق والإستقصاء والمبادأة والإلتزام فغالباً ماتشير إلى الجوانب المادية من تجارب محسوسة وخبرات تراكمية أمانة ونزاهة تصنع بداخله طاقة روحية تعطيه الثقة في النفس و تدفعه لتوخي الحيطة والحذر و تبعده عن الشطح والذلل،فالعلم أول مدارج الإيمان وأعلى قمم الإحسان ولذا كانت الإشارة القرآنية (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
والشرط الثاني بسطة الجسم و هي أن يمتلك جسدا معافى حتى يقوم بواجباته دون إعياء أو ضعف أو خور ولقد أكد ذلك القرآن على لسان بنت شعيب وهي تنادي أباها وتطلب منه أن يكلف سيدنا موسي بوظيفة (السقيا) بقولها (يأبتي إستأجره فإن خير من إستاجرت القوي الأمين ) فالصفة الأولى هي قوة الجسد للقيام بكافة الأعمال و الأعباء والثانية صفة تتعلق بالجانب الروحي و هي صفة معنوية لا حسية وتشمل كل ماتدعو له مكارم الأخلاق من شجاعة ونخوة وأمانة ونزاهة وعلم وإقدام.
أما أمر تهيأة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لتحمل الرسالة فقد جاءت عن طريق قيام الليل لأنه الوسيلة الفعالة لتحقق شرطي التكليف وأقروا إن شئتم معي قوله تعالى(يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل أشد وطئا وأقوم قيلا). فالثابت أن قيام الليل هو الوسيلة الفاعلة التي كانت أحد أهم الأسباب الجوهرية بعد إحاطة العناية الألهية للنبي صلى الله عليه وسلم لأن قيام الليل فيه أثران أثر مادي (أشد وطئا) وهي الإستطاعة الجسدية وأثر أدبي معنوي (وأقوم قيلا) أي صدق اللسان وقوة البيان ونفاذ الحديث لقلوب الناس وهما نفس شرطي الوظيفة العامة.
إذا كان ذلك هما ما يجب توافره في من يريد أن يتسنم الوظيفة العامة من الناحية الشرعية فإن هناك أداب لا بد من أن يتحلي بها المرء ومن أهمها ألا يزكي المرء نفسه بأن يطلبها وذلك ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفض لمن طلبها تكليفه لذات العلة (نحن لا نوليها من يطلبها).
وقد حذر منها سيدنا أبو هريرة (إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزيء وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه منها ).
كذلك الإستماع للتوجيهات العليا ولنا في سيدنا خالد بن الوليد المثل الأعلى في ذلك فإنه و بالرغم من أنه قد حقق الإنتصار تلو الإنتصار ولم تعرف له الهزيمة بابا وبالرغم من ذلك عزله سيدنا عمر بن الخطاب من منصب أمير الجيش (القائد الأعلى للجيش) خوفا من أن يفتتن المسلمون به وكراهية أن تنسب له الإنتصارات شخصيا (ومن النصر إلا من عند الله) ولكن تقبل ذلك الأمر بصبر وطيب خاطر ورجع جنديا من أجناد أبوعبيدة عامر بن الجراح وقاتل معه ولم يرفض أو يحزن أو يغضب كما نفعل نحن الأن.
ثمة حقيقة ثابتة لا جدل فيها ولا مراء في أن الحكم بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء ولا راد لأمر له في ذلك ولا معقب له وهذا هو ماصوره القرآن الكريم في سورة آل عمران.
لكن مايجب التنبيه له أن هذا الحكم يمكن أن ينزعه الله منك على حين غرة متى ما توفرت أسباب النزع ودونكم تضعضع الإتحاد السوفيتي أقوى إمبراطورية شمخت ترسانة وسلاحا وإقتصادا ذهبت أدراج الرياح بلا طلقة واحدة.
أكتب ذلك بن يدي قرار سعادة رئيس الجمهورية والذي قضى بتكليف سعادة الفريق أول صلاح قوش بأعباء الإدارة العامة لجهاز الأمن والمخابرات وأعتقد أنه يجب أن نثق في تقدير قيادتنا العليا في إصدارها لمثل هكذا قرار بإعتبار أنه وقطعا تتوفر لها من المعلومات ماقد لا يتوفر للعامة غير أن صلاح قوش مشهود له بالمبادأة والمبادرة والخبرة التراكمية العالية ما يجعله أهلا للتكليف.
وشكر مستحق في حق الأخ الفريق أول محمد عطا على تضحياته الجسام وعطائه الثر الذي سيواصله ليروي من فيضه حقولا أخرى ..

التعليقات مغلقة.

error: