باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

قوش وعطا، وما بينهما..!

4٬771

 

الخرطوم: باج نيوز

ليلة أمس (السبت)، كان محمد عطا، مدير جهاز الأمن والمخابرات، يرتدي بدلة أنيقة ليقابل بها الرئيس السوداني عمر البشير..

بحسه الأمني، كان عطا على علمٍ مسبق، بما سيقوله الرئيس في تلك الساعة..

فاجتماعات ثنائية مغلقة عُقدت بينهما مؤخراً، أبدى فيها الرئيس السوداني ملاحظات حول عدم حسم جهاز الأمن تفلتات تحدث من بعض القيادات  الرفيعة داخل منظومة الحزب الحاكم، والتي يبدو إنها ضد ترشيح الرئيس البشير لدورة أخرى.

الدوائر المقربة من مركز اتخاذ القرار، كانت تتحدث عن تعديلات مرتقبة في الجهاز التنفيذي وكذلك في مواقع مهمة داخل منظومة الحزب الحاكم.

ولأن المنصب الذي يشغله عطا، حساس بطبعه، جاء قرار إقالته سريعاً لدرجة أدهشت من هم في منظومة الأمن نفسها.

ما كان واضحاً للناس، أن قرار الإعفاء الذي ورد في وكالة السودان للأنباء، جاء خالياً من هذه الكلمة، كلمة “إعفاء” أو “إقالة”، ولعل بعض المصادر الأمنية ترى أن في ذلك إكراماً لعطا والذي لم يُعرف بعد، ما إذا كان سينتقل إلى منصب آخر أم لا..

ويبدو كأن توقيت الإعلان كان محدداً بدقة، ففي حفل تخريج الكلية الحربية اليوم (الأحد) ظهر الرئيس البشير برفقة مديري جهاز الأمن والمخابرات، السابق والحالي الذي تم تعيينه مرةً أخرى قبل ساعات..!

انتهى حفل الحربية، وبدأ حفلٌ من نوع آخر، وسط أسرة وأنصار “قوش”

 

المدير السابق يعود

خبر قصير من عشرين كلمة، ورد في وقت مبكر من صباح اليوم في وكالة السودان للأنباء، عن صدور قرار جمهوري بتعين الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح مديراً عاماً لجهاز الأمن و المخابرات الوطني.

كان مفاجئاً عودة “قوش” مجدداً إلى الأضواء، إلى ذات المنصب وإلى ذات المهام، بل إن المفاجئة كانت في سرعة أداء القسم الذي تم صباحاً أيضاً..

وفي ذلك يقول أحد الصحفيين إنه أرسل إلى قيادي رفيع المستوى في جهاز الأمن والمخابرات رسالة يستفسره إن كان الخبر الذي ورد في بعض مواقع التواصل الاجتماعي صحيحاً، خاصةً أن أول من نشره كان أحد منسوبي المؤتمر الوطني، لكنه أجابة بكل ثقة “مجرد إشاعة”، وبعد مرور دقائق كان الخبر حاضراً في وكالة سونا.

صلاح عبد الله، خريج الهندسة، ومنذ أن جاءت “الإنقاذ” انتقل إلى العمل المخابراتي، وليس لطول المدة التي بقي فيها فقط، إنما لأسباب أخرى، ارتبط اسمه “ببيوت الأشباح” التي كانت تُستخدم لتعذيب المعارضين المعتقلين.

في عام 2004 تم تعيينة رسمياً مديراً لجهاز الأمن، وشهدت فترته كما سابقيه من المدراء، تشدداً سياسياً وكذلك صحفياً حيث فرضت الرقابة القبلية في عهده على الصحف بصورة مكثفة.

 

كُلفت بمهام أكبر..!

علاقاته الواسعة “الخارجية”  وطموحاته الشخصية، سبب له مشاكل كثيرة، فكانت المفاجئة التي لم يتوقعها الناس أيضاً بإعلان إعفائه 2009، وتعيين نائبه وصديقه في ذات الوقت محمد عطا مديراً لجهاز الأمن والمخابرات..

ولعل البعض يذكر جيداً حينما خرج قوش بعد أدائه القسم من تعيينه مباشرة مديراً لمستشارية الأمن، كيف خرج واثقاً من نفسه، مبتسماً على غير العادة، وهو يقول “كُلفت بهام أكبر”..!
غير أن ذات الأسباب “الكبرى” عادت مجدداً لتلاحق الرجل في مستشاريته “التوسعية” آنذاك، لتعلن إعفائه من المنظومة الأمنية مرةً أخرى. 2011

 

التفرغ للبزنس
بضعة أشهر فقط، وقررت السلطات العليا إعتقاله عام 2012، فأرسل مدير جهاز الأمن محمد عطا، عربة “فخيمة” إلى بيته في حي الراقي بالمجاهدين.. ثلاثة من ضباط الأمن وقفوا أمام الباب في ساعة متأخرة، وبعد دقائق من دق الجرس جاءهم صلاح عبد الله وكأنه يتوقع مجيئهم..

طلبوا منه حزم أغراضه، وما يحتاجه ليأتي معهم إلى مباني الجهاز مقدمين إعتذراً مسبقاً له..

قرابة ثمانية أشهر، ظل فيها الرجل معتقلاً، وبعد أن خرج، نُحرت الذبائح أمام منزله الفخيم..

بعد ذلك قرر “قوش” التفرغ “للبزنس” فتنفل بين الخرطوم ودبي وعواصم عربية وأجنبيه مكوناً ثروة “لا بأس بها” على حد وصف أحد الأغنياء.

في تلك الفترة، أجرى قوش حوارات صحفية قليلة جداً، وظهر في بعض القنوات، مقدماً شخصية مغايرة عن التي عرفها الناس عنه، وبدا كأنما أزاح قناعاً كان يرتديه من وجهه، حيث ظهر أكثر إنفتاحاً على المجتمع بكل مكوناته.

إكتفى ظاهرياً صلاح عبد الله بالبرلمان، غير أنه ظل قريباً من دوائر صنع القرار ولو  لفترات متباعدة.

ويكشف مصدر موثوق لـ(باج نيوز) أن أهم الأسباب التي عجلت بقدوم “قوش” العمل على انتخابات 2020، حيث إنه من أكثر الداعمين لإعادة ترشيح الرئيس البشير، لأنه يرى أن عدم ترشيحه مرة أخرى قد يُحدث نوعاً من الفوضى والإنقسام، في الحزب والسودان.

ويشير المصدر، إلى أن “قوش” يعتقد بأن الزمن بات ضيقاً لاختيار شخص مناسب خلفاً للبشير، لكنه عاد وأكد بأن الأزمة الاقتصادية وحسم التفلتات الحزبية التي ظهرت من قيادات رفيعة في الوطني، كانت سبباً قوياً كذلك.

ولعطا مشاهد أخرى

محمد عطا الذي يبدو هادئاً في طبعه وصوته، بحسب مقربين منه، ظل بعيدأ عن الطموحات الشخصية، وتمكن بعلاقاته الواسعة التي بناها عبر وقت ليس بالقصير من تحقيق مكاسب خارجية كبيرة لم تحدث في عهد قوش، حيث شهدت فترته توتراً في بعض علاقات السودان مع المحيط الإقليمي والدولي.
وفي عهد عهد عطا، يشير البعض كذلك إلى تحقق إستقرار أمني أكثر من ذي قبل، بحسب المراقبين، فلم تتمكن أي من القوات المتمردة من الوصول إلى مناطق سودانية أو احتلالها، كما حدث مع العدل والمساواة في عام 2008،  عدا مناطق النزاع المعروفة، والتي قلت بعد تأن تمدد نفوذ قوات حميدتي.
ويقول مصدر أمني رفيع، لـ(باج نيوز) “لم تمر أي فترة في تاريخ السودان، لم تشهد إعتقالات سواء كانت فترة قوش أو عطا أو غيره” معتبراً أن ذلك ليس سبباً ليحكم فيه الناس على مدراء أجهزة الأمن، وعلى أدائهم، لكنه يشير إلى إنجازات لا يمكن أن يختلف حولها، تمت في فترة عطا، مثل إنشاء أكاديمية الأمن ومستشفى الأمل ونوادي ومرافق كبيرة صرف عليها جهاز الأمن أموالاً كبيرة.

ويبدي المصدر أمله، أن يتواصل الاهتمام بالمنشئات وتقدم الدعم، حتى في فترة قوش الجديدة.

 

التعليقات مغلقة.

error: