شدّد نائب رئيس الوزراء السوداني، وزير الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أحمد بلال، على أنّ إيران تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، من خلال تدخلاتها في الكثير من الدول، لافتاً إلى أنّ مليشيات الحوثيين هم العدو المشترك.
وأضاف بلال في حوار مع «البيان»، أنّ القوات السودانية مستمرة حتى استعادة الشرعية، مردفاً: «دورنا فاعل، وليس هامشياً أو ديكوراً».
وبشأن تأخّر عملية السلام في السودان، لا سيّما في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، اتهم بلال، الحركة الشعبية بإعاقة المفاوضات، بسبب التشظّي داخل صفوفها، مشيراً إلى استعداد الحكومة للجلوس متى ما دعت الوساطة الأفريقية. واعتبر أن دعوة وزير الاستثمار، مبارك الفاضل، للتطبيع مع إسرائيل، موقف شخصي لا يعبر عن موقف الخرطوم الثابت تجاه القضية الفلسطينية.وفي ما يلي الحوار بين بلال و«البيان»:
*كيف تقيّمون ما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة؟
منطقتنا عموماً منطقة متأزمة في الوقت الراهن، وعانت وتعاني كثيراً من العنف والاضطراب، والمحصّلة النهائية لذلك نوع من عدم الاستقرار، وإلحاق الضرر البليغ بالمواطن في هذه المنطقة، الآن، انحسرت موجة تنظيم داعش في العراق وفي سوريا، إلّا أنّ المنطقة لا تزال تعاني من التدخلات الخارجية وعلى رأسها إيران، في تحريك أدواتها لإشاعة عدم الاستقرار وزعزعة الأمن.
*كيف تنظرون للوضع في اليمن بعد مقتل الرئيس السابق صالح؟
نحن شركاء وحلفاء مع دول عربية، على رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، في استعادة الاستقرار والشرعية إلى اليمن، بعد مقتل علي صالح، دخل عنصر جديد، استعادة الشرعية في اليمن، كانت تقوم على تحالف عربي واسع مع الشرعية ضد مليشيات الحوثي وقوات حزب المؤتمر، ويمكن أن يكون اغتيال صالح عنصر قوة للمقاومة ضد مليشيات الحوثيين، في حال اصطفاف قواته جنباً إلى جنب مع قوات الشرعية، وهو الوضع الطبيعي لها من أجل استعادة الاستقرار.
*ما تقييمكم لمشاركة السودان في تحالف استعادة الشرعية في اليمن؟
السودان عنصر فاعل في عملية استعادة الشرعية في اليمن، من خلال مشاركته بقواته في عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، لا سيّما الحرب البرية، والتصدي للمهددات على الحرمين الشريفين، وقواتنا في الخط الأمامي، كما أن قواتنا فقدت عدداً مقدراً من خيرة الشباب، شهداء في ميدان المعارك في اليمن.
*كيف تنظرون للتحالفات القائمة ضد الإرهاب؟
دخول السودان ضمن التحالف العربي في اليمن، وكذلك التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، كان انطلاقاً من قاعدة أساسية، تتمثل في أنّ الإرهاب والتطرف لا وطن ولا دين له، ولا توجد دولة محصنة عظمى كانت أو صغرى من خطر الإرهاب وتهديده للاستقرار، وبالتالي، العمل الجمعي هو الترياق الأساسي لصد التهديدات الإرهابية، ونحن في السودان، أعلنا ترحيبنا بأي حراك دولي أو إقليمي لمجابهة ظاهرة الإرهاب، التي أساءت للسلام، وهو بريء منها وضدها.
*هل اتخذتم أي إجراءات على المستوى الداخلي؟
هنا في السودان، نرى أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، لأنّ عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب الذين يلتحقون بجماعات التطرف، مغرر بهم بأفكار دخيلة، ولا بد من استعمال ذات الأسلوب في مناهضة هذه الأفكار، وإقناع أولئك الشباب بالحجة، والأهم من ذلك، الوقاية بتحصين الشباب الآخرين حتى لا ينجروا لهذا الاتجاه.
نحن ندعو إلى المقاربة بشكلها الكلي، أمنياً وفكرياً، وقد أقمنا ورشة حول طرق مكافحة الإرهاب، وكيف يتم التدخل، لدينا تجارب عديدة مع عدد من الشباب الذين جنحوا وشكلوا خلايا للالتحاق بتنظيم داعش، وقد أقنعناهم، والآن هم شباب صالحون في المجتمع، وهذه تجربة سودانية، نتقاسمها مع الآخرين، وإذا استدعى الأمر التدخل الأمني، نتدخل أيضاً.
*هناك من يرى تراجع القضية الفلسطينية عن الوجدان العربي؟
لم تتراجع القضية الفلسطينية على الإطلاق، والدليل على ذلك، الهبّة التي انتظمت الشارع الإسلامي والعربي وغيره، فالقضية لم تمت أبداً، وبعد قرار ترامب غير الموفق، توقيتاً وإجراء، ظهر ذلك واضحاً. إنّ الولايات المتحدة ينظر لها كلاعب أساسي في الوساطة، ولكنها انحازت إلى طرف واحد، ومن المعلوم أنّ إسرائيل لا تنصاع للقرارات الدولية، ولكن أميركا دولة كبرى، وبهذا القرار، الرئيس الأميركي دونالد ترامب أساء لأميركا أولاً، وهناك مجال للتراجع عن القرار ومعالجته، وألّا تصبح أميركا غير مؤتمنة على الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وجانب الحيادية، يمكن للإدارة الأميركية تلافي ذلك، إن كانت جادة في التوصل إلى سلام في المنطقة، ويمكن لواشنطن تقديم مبادرة جادة من أجل التوصل إلى حل الدولتين.
*برزت أصوات داخل الحكومة السودانية وجاهرت بدعوة التطبيع مع إسرائيل، ما تعليقكم؟
هذا الحديث صدر من أفراد، وليس من الحكومة السودانية.
*ولكن تصريحات التطبيع كانت من وزير الاستثمار مبارك الفاضل؟
حديث مبارك عن التطبيع مع إسرائيل شخصي، السودان لديه إرث تجاه القضية الفلسطينية منذ مؤتمر اللاءات الثلاثة، ولا نقول عفا عليها الزمن، لأنّ الحق ما زال سليباً، والاحتلال ما زال قائماً، فإذا أرجعت الحقوق الأساسية للفلسطينيين، وحلت الأزمة الفلسطينية، لا عداوة لنا على الإطلاق مع اليهود ولا مع إسرائيل، في حال التزمت بالقرارات الدولية، ورضيت بقيام الدولتين.
مفاوضات سلام
*هناك جمود يشهده ملف السلام في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، من المسؤول برأيك؟
تأخر استئناف المفاوضات ليس من جانب الحكومة السودانية، فتشظي الحركة الشعبية كان عائقاً، والآن الحركة أصبحت ثلاثة فرق، ووجودها على الأرض أصبح محدوداً، إذا ما استثنينا قوات عبد العزيز الحلو في جبال النوبة، نحن من جانبنا، ليس لدينا أي تردد، وليس لدينا أي مانع في استئناف التفاوض في أي لحظة مع الجميع، ولدينا تجربة الحوار الوطني.
*ما تعليقكم على دعوة رئيس الحركة الشعبية، مالك عقار، للمعارضة، بالمشاركة في الانتخابات المقبلة؟
نسمع بذلك، فهم يقولون بأن ليس لديهم مانع في الدخول والمشاركة في الانتخابات المقبلة في 2020، ولكن لم يتم ذلك رسمياًَ، هناك اتصالات وراء الكواليس تتم، ولكن الحكومة على استعداد كامل للتفاوض في أي لحظة، ومن ثم، عليهم المشاركة في العملية السياسية، فلا أحد سيعترض مشاركتهم في الانتخابات والحياة السياسية.
إضاءة
تنتشر القوات السودانية في مدينة عدن، حيث تتولى مهمة تدريب القوات الأمنية اليمنية لحفظ أمن واستقرار المحافظات المحررة، فيما تتمركز قوة أخرى في قاعدة العند الجوية في محافظة لحج، وتقدم دعماً للقوات اليمنية المرابطة على الحدود بين تعز ولحج، وتحديداً محور كرش الراهدة.
وأول مشاركة للقوات السودانية على الأرض في مواجهات الحوثيين كانت منتصف 2016، وذلك على محور كرش الراهدة.
التعليقات مغلقة.