د.عادل عبد العزيز:وصفات صندوق النقد الدولي- الفوائد والمحاذير

ورد في الأخبار أن صندوق النقد الدولي قد أوصى في تقريره الأخير بعد زيارة فريقه الفني للسودان بتعويم الجنيه السوداني ضمن ما يسمى بوصفات الصندوق. فما هي هذه الوصفات؟ وما مدى فائدتها للاقتصادات الناشئة؟ وما هي المحاذير التي ينبغي مراعاتها عند انفاذها؟

صندوق النقد الدولي هو أحد مؤسسات برايتون وودز، وهي المؤسسات التي برزت للوجود بعد الحرب العالمية الثانية، ونسبت لبرايتون وودز، وهي مكان الاجتماعات التي تبلورت من خلالها هذه المؤسسات التي تشمل بالإضافة للصندوق البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وبنك التسويات الدولي، والبنك الآسيوي والبنك الأفريقي للتنمية، وغيرها من المؤسسات الدولية التي صممت لقيادة الاقتصاد الدولي، والتنسيق بين الدول في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي اعتاد خبراء الصندوق تقديم وصفة أو روشتة تتضمن: رفع الدعم عن السلع الأساسية كدقيق الخبز، تعويم سعر الصرف لعملة البلد المعني، فرض فتح اسواق البلد المعني ورفع الحماية الجمركية عن المنتجات الوطنية. وكثيرا ما تسببت الوصفة في اضطرابات سياسية واجتماعية في البلدان التي طبقت فيها، خصوصاً في حال لم ترافقها معالجات اجتماعية.

في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانت علاقات الصندوق مع السودان جيدة وقام الصندوق بتقديم عدد من القروض وشجع دول ومؤسسات أخرى على اقراض السودان. وقد استجاب السودان وقتها لعدد من توصيات الصندوق من بينها تخفيض سعر صرف الجنيه السوداني.

وفي عام 1987 خلال حكومة السيد الصادق المهدي، واستجابة لتوصية من الصندوق، تم رفع الدعم عن سلعة السكر، فحدثت ثورة شعبية أدت للتراجع عن القرار. وفي بداية التسعينات من القرن الماضي جمد الصندوق علاقاته مع السودان وعلق عضويته بإدعاء عدم تعاون السودان مع الصندوق وتوقفه عن سداد مستحقات الديون.

توصية الصندوق الأخيرة بتوحيد سعر صرف العملة السودانية، والشروع التدريجي في رفع الدعم عن المواد البترولية والقمح، تعتبر من ناحية اقتصادية لا غبار عليها لأنها تزيل تشوهات كثيرة في الاقتصاد السوداني. غير أن المحاذير المتعلقة بها تتضمن ضمان أن يكون لدى بنك السودان المركزي احتياطي من العملات الأجنبية، لا يقل عن استهلاك ثلاثة أشهر، ليتمكن من التدخل عند الضرورة، فضلاً عن ترتيبات لدعم اجتماعي موجه بوسائل ذكية مثل البطاقات الالكترونية.

إن أهم فائدة يجنيها الاقتصاد السوداني من التعويم هي الحصول على موافقة المجتمع الدولي على إدراجه في مبادرة اعفاء الديون (هايبك) المخصصة للدول الاقل نموا المثقلة بالديون. والحصول على عدم ممانعة الصندوق في الحصول على قروض للدولة او للقطاع الخاص السوداني من الدول والمؤسسات المالية التي تشترط عدم ممانعة الصندوق، والحصول على ائتمان الصادرات ومنتجات سوق التأمين الدولي الأخرى. غير أن هذا لن يتحقق إلا في حالة رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب. والله الموفق.