باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

رغم إرتفاع أسعاره.. (البوش) الصحن الذي يسع الجميع

4٬781

الخرطوم: باج نيوز

على سبيل السخرية يقول ياسر الذي تخرج من الجامعة قبل سنتان “لو الوقت الذي نقضيه في تقطيع الرغيف من أجل تجهيز البوش “الفتة” قمنا باستغلاله في تطوير مهاراتنا الاخرى لنجحنا في صناعة آيباد”. كان ياسر يجلس ساعتها وسط دائرة اصدقائه وهم يستعدون لتجهيز وجبة عشاء فى ازقة أحد أحياء أمدرمان العريقة.

لم يجد الشاعر أزهري محمد علي ما يستجدي به شاعر الشعب الراحل محجوب شريف البقاء، غير التلويح بالعبارة “يا محجوب ما تمشي عاوزين نظبط (بوش)”.

قطع الرغيف المرشوشة بما يطلق عليه موية الفول تظل هي الوجبة التي تجمع شتات السودانين تحت ظلال صحن واحد في ذات الوقت يمثل (تجمع الفتة) المكان الأمثل الذي تذوب فيه جل الإختلافات الطبقية والعرقية وحتى السياسية والرياضية لدرجة أن البعض يطلق على (البوش) وجبة الفقراء التي يتعاطاها الأغنياء سراً.

الخرطوم بت مقرن النيلين لا تكتمل أمسياتها دون ان يستمع اهلها لصوت (الكمشة) وهي تغوص عميقاً في (قدرة) الفول ليصدق عليها توصيف مدينة (الفتة)، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد وانما يرتبط بنقطة رحيل الآخرين بين المدن الثلاث من أجل التوقف في تجمعات البوش في شارع الاربعين بامدرمان او في ميدان الرابطة بشمبات ببحري حيث يرى الكثيرين أن متعة البوش لا تكتمل الا بعد انتظاره في صف يتناقص فقط من أجل ان يسد (الفرقة) آخر.

يرد البعض حالة عشق السودانين للبوش الى حالة الظروف الإقتصادية التي ضربت البلاد في ثمانينات القرن الماضي قبل ذلك الوقت كان السودانيون يستمتعون بتناول اللحوم وحين يبحثون عن التغيير فانهم يتجهون الى (الفول) كما ان وجبة الفقراء تجد لها موطئ قدم وساعد في اوساط الطلاب في مراحل التعليم المختلفة لدرجة ان أحدهم يقول لـ(باج نيوز) انهم يحددون الغائب من الشلة وقت الإفطار وليس في قاعة الدرس وهو ما يعني ان (البوش) يتجاوز كونه مجرد وجبة الى حالة إجتماعية.

ويرجع خبراء في علم الإجتماع ظهور وجبة البوش او الفتة الى وقائع تتعلق بالتركيبة السودانية التي تنحو الى تناول الطعام في مجموعات باعتبار أن الأمر يعبر عن قيمة الكرم التي إشتهروا بها .

بدأ البوش في الأيام الاخيرة وكانه يتضامن مع معظم السلع التي ارتفعت أسعارها في البلاد فالصحن الذي كان يكلف عشرون جنيهاً إرتفع لثلاثون ودائماً ما يكون مبرر الرجل الواقف أمام القدرة بأن مواد الوجبة زادت وفقاً لارتفاع اسعار الدولار وهو ما دفع احدهم للتعليق “رفع العقوبات ادى لارتفاع قيمة البوش في الشوارع السودانية لكن لا مناص فهو لا يزال حبيب الشعب”.

التعليقات مغلقة.

error: