باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

عبد الباقي الظافر..أسطورة شيخ موسى..!!

تراسيم

800

قبل نحو سبعة عشر عاماً بالتمام والكمال في ولاية شمال دارفور تبدأ القصة.. يروي الراوي أنه شاهد رجلاً وسيماً يركب ناقة في كامل زينتها.. على جانب الناقة يرقد (جيم ثري) في دلال.. شيخ العرب يسأل رهط الراوي بعد أن رأى حيرتهم وتنقلهم بين قِبل الأرض الأربع .. حينما أدرك شيخ موسى أن القوم سرقت ماشيتهم، أناخ بعيره.. وصب جام غضبه على اللصوص والذين من ورائهم.. ثم وعد أهل (الرايحة) خيراً.. بالفعل تمكن شيخ عشيرة المحاميد أن يعيد الماشية المسروقة.. كانت المشكلة أن الشرطة طلبته للإدلاء بشهادته.. صعوبة تلبية الأمر أن الشيخ موسى هلال كان يحمل سلاحاً غير مرخص.. في نهاية الأمر جاء إلى القسم وأدلى بشهادته.

بعد أربعة أعوام كان اسم موسى هلال يلمع في حاضرة شمال دارفور.. الوالي إبراهيم سليمان انزعج من حماس شيخ القبيلة الذي لا يلتزم بتعليمات جنرال كان آخر وظيفة شغلها قبل أن يخلع الميري وزير دفاع.. وضع الفريق سليمان شيخ القبيلة الشاب في الأغلال ثم رحله بعيداً نحو سجن بورتسودان.. حينما احتدم الوطيس وغابت الرؤية في دارفور كانت الحكومة تستعين بخدمات موسى هلال.. بذات الحماس لبى الشيخ النداء.. ووجد المال والسلاح والأمر المطاع فانطلق يصنع واقعاً جديداً في إقليم دارفور المضطرب.

في أحد فنادق طرابلس نحو العام ٢٠٠٤ كان موسى هلال يحمل عصاته الصغيرة في انتظار مفاوضات متعثرة.. بعد انتظار طويل سمح للزميلين عبود عبدالرحيم وسلمى التيجاني بالاقتراب من عالمه عبر حوار صحفي.. بعد تجاوز أسئلة المجاملة سألته بنت التيجاني إن كان حقاً هو من يقود قوات الجنجويد.. دون أن يظهر عليه الغضب أخبر الصحفيين أن المقابلة انتهت.. أسهل إجابة بالطبع كانت تكمن في نفي التهمة.. لكن من ذلك الغموض كان موسى هلال يستمد شرعيته بين الناس.

الحكاية الأخيرة سرد طرف منها الفريق حميدتي.. قبل سنوات قليلة دعى موسى هلال كتيبة من شرطة الاحتياط كانت تعسكر قريباً من أحد معسكراته.. أراق الرجل دماء النوق والكباش الأصيلة إكراماً لضيوفه.. قبل انتهاء حفل الضيافة كانت قوات موسى تحيط بالضيوف في وضع غير متكافيء.. عرض هلال تجريد القوة من كل ما تملك مقابل السلامة الشخصية.. لكن بعد عامين من تلك الواقعة عاد موسى هلال إلى داره في شرق الخرطوم حينما غفرت له الحكومة ما تقدم من ذنبه.

في تقديري إن موسى هلال كان ضحية مسرح مضطرب.. بدوي حدود قدراته مرابط عشيرته إلا أنه طموح وبرغماتي.. وجد على نحو مفاجيء المال والقدرة على إصدار أوامر واجبة التنفيذ.. في ذات الوقت كانت السلطات تحتاج إلى رجل يحرز الهدف مهما كان الثمن.. كانت الحكومة لا تنظر بعيداً عن أرنبة أنفها وفي ذات الوقت قابلة للابتزاز.. في كل مرة كان هلال يصعد في مطالبه.. طلب إبعاد الوالي يوسف كبر فكان له ذلك.. سعى الى حظ النفس من السلطة والمال والجاه فكان له ذلك.. جاءه شعور أنه ابن السلطة المدلل.. لكن الثورة التي أكلت أمها وأبيها وبنيها كانت أمس الأول تضع نهاية حزينة لأسطورة موسى هلال.

بصراحة .. بعد أن وضعت الحكومة رجلها على ذيل القط ليس هنالك سبيل إلا إحكام القبضة والسيطرة على القط المذعور.. يجب أن تكون حكاية موسى هلال عظة عنوانها أن للصبر حدود وأن أي صراع مع الدولة في السودان الطرف الفردي فيه هو الخاسر.. لكن الحكمة تكمن ألا تصنع الحكومة موسى هلال جديد بعد أن وضعت الأول خلف القضبان.

التعليقات مغلقة.

error: