باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

من (الكلب) إلى (البقرة) و(الأرنب).. أبرز ألقاب العملة في السودان

من (الكلب) إلى (البقرة) و(الأرنب) أبرز ألقاب العملة في السودان

3٬622

 

الخرطوم: باج نيوز

ينفرد الشارع السوداني بإطلاق ألقاب على فئات العملة السودانية، في ظاهرة اجتماعية يفسرها علماء الاجتماع، كونها تعبر عن موقف ساخر في كثير من الأحيان تجاه العملة التي تشهد قيمتها هبوطاً حاداً مقابل العملات الأجنبية الأخرى.

ومن الطبيعي أن تسمع أحد السودانيين في السوق وهو يطلب من أخيه منحه (كلباً) أو (كلبين) أو ثلاثة فما فوق، و(الكلب) في هذه الحالة لا يعني الحيوان المعروف، بل يعني فئة الواحد جنيه، أما إذا وصل عدد (الكلاب) إلى (10) فإن اللقب يصير(الخدرا)، وأطلق على تلك الفئة ذلك اللقب بسبب لونها المائل للاخضرار، وهو ذات ما حدث مع فئة الـ (20) جينهاً التي أطلق عليها (الحمرا)، وإذا وصل عدد (الكلاب) إلى (50) كلباً فيبقى اللقب مختلفاً هنا تماماً، بحيث يبرز لقب (البقرة) مقابل الورقة فئة الـ (50).

أما مبلغ المليون جنيه فيطلق عليه لقب (الأرنب)، وهو لقب مأخوذ من الشارع المصري الذي سبق الشارع السوداني في إطلاق ذلك اللقب، في حين يطلق البعض على العملة ككل لقب (الضحاكات) لأنها تبعث السعادة والضحك في النفوس، وأيضا لقب (الكشكوش)، الذي لم يجد من يفسره لنا أو من أين جاء.

واستمد الشارع السودان لقباً آخر للعملة من الجارة إثيوبيا، وهو لقب (القنزب)، ويتم استخدامه بشكل واسع وسط كثير من طبقات المجتمع.

وتقول الاختصاصية النفسية والاجتماعية، حسنة علي الله عبد الرحيم، إن إطلاق مثل هذه الألقاب يتم في الغالب الأعم عبر طرفة تصدر من أحدهم أو اعتاد على إطلاقها، فسرعان ما تنتشر وسط المجتمع.

وتبين حسنة أنه حتى داخل الأسرة، تضطر ربات البيوت للطلب من أزواجهن أموالاً باستخدام تلك الألقاب، كأن تقول الزوجة لزوجها: “دايرة بقرتين”، حتى يكون الطلب بقدر من اللطف، وقالت الاختصاصية إن اللقب يتحول في بعض الأحايين إلى شكل من أشكال السخرية على العملة المتدنية، مثل أن يقول الشخص: “أرنبين ما بعملوا حاجة في الزمن هذا”.

ومن جانبه، يقول أستاذ علم الاجتماع، فتح الرحمن أحمد، لـ (باج نيوز) إن تلك الألقاب تنتشر في نطاق طبقات محدودة، وهي أقرب للغة الشارع، ويشير أحمد إلى استثناء لقب (الأرنب) الذي يتم تداوله في طبقات رجال الأعمال والرأسمالية، خاصة حينما كان للمليون قيمة كبيرة في الثمانينيات والتسعينيات.

وصدرت في العام 1957م، أول عملة ورقية سودانية لتحل محل العملات التي استخدمت أيام الاستعمار الإنجليزي، حيث صدرت عملات من مختلف الفئات، تبدأ بفئة الـ (10) قروش إلى الـ (10) جنيهات، ومهر مأمون بحيري، أول محافظ لبنك السودان، أول توقيع سوداني على العملات، في حين طبع الرئيس السوداني السابق، جعفر محمد نميري (69-1985)، صورته على الفئات الورقية قبل سنوات قليلة من سقوطه في ابريل 1985م.

أما حكومة الرئيس الحالي، عمر البشير، فاتخذت قراراً في العام 1991م، غيرت بموجبه العملة من الجنيه إلى الدينار، ورغم هذا التحول إلا أن السودانيين ظلوا يستخدمون الجنيه في كل حساباتهم، ولم يكن يذكر الدينار إلا في المعاملات الرسمية.

وبعد التوقيع على اتفاقية سلام بين شمال وجنوب السودان في يناير 2005م، تم الاتفاق على العودة لفئة الجنيه، لكن الجنيه الجديد الذي عاد عام 2005 صارت قيمته الجديدة مساوية لألف جنيه من القديم، وهذا ما خلق اضطراباً في التعاملات النقدية حتى اليوم، وبقي سؤال بـ (القديم أم الجديد؟!) حاضراً في كل أوقات التعامل النقدي.

ولم يقرر الرئيس البشير وضع صورته على العملة كما فعل الرئيس السابق جعفر محمد نميري، لكن صور الحيوانات مثل وحيد القرن والزراف والبقر والأغنام والجمال وحمار الوحش، كلها موجودة في العملة، خاصة فئة الـ (50) جنيهاً.

أما بالنسبة لقيمة الجنيه فشهدت اسوأ هبوط ربما على مستوى العالم، حيث كان الجنيه يساوي في سبعينيات القرن الماضي ثلاثة دولارات أمريكية، في حين أن الدولار يساوي اليوم (25) جنيهاً، أو (25) ألف جنيهاً بـ (القديم) حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

ولا زال كثير من السودانيين يسخرون من أحد الضباط الذين قادوا انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989م، وهو العميد صلاح كرار، حينما قال إنه لو انقلابهم لوصل سعر الدولار في السوق إلى (20) جنيهاً، ويشير الساخرون إلى أن سعر الدولار وصل بعد ثمانية وعشرين عاماً من الانقلاب إلى (25) ألف جنيه، واحتفل بيوبيله الفضي أو هكذا تندروا.

 

التعليقات مغلقة.

error: