أحصى عبد الباسط سبدرات في كتابه الوثائقي (قبيلة السيد الوزير)، (1175) وزيراً تقلّبوا في نعيم الكرسي الصقيل، منذ الوزارة الوطنية الأولى في العام 1954م وحتى وزارة الانقاذ الصادرة في العام 2013 (سنة صدور كتاب سبدرات).
لو اضفنا إليهم ذات العدد من وزراء الدولة، والوزراء الاتحاديين الذين صعدوا إلى الكراسي بعد العام 2013م، يكون العدد (2350) وزيراً، أضف إليهم (150) وزيراً طارئاً ومؤقتاً من عينة سكرتير نميري الراحل محمد محجوب سليمان، الذي (ضاق) طعم الوزارة لأربعة وعشرين ساعة فقط ولم يطقها. وانتهاءً بوزير العدل السابق أبوبكر حمد، الذي دخل الوزارة وخرج منها و(ما قال كش).
عليه، سيقفز عدد وزراء السودان الاتحاديين إلى (2500) وزيراً!
أضف إليهم وزراء الولايات منذ الحكم الأقليمي الأول في العام 1981م، مروراً بالمرسوم الدستوري الرابع 1991م ودستور السودان 1998م، بمتوسط (20) ولاية بعشرة وزراء كل (24) شهراً، ليكون الناتج، نحو (3000) وزير، أضف إليهم (250) وزيراً محلياً في عهد مايو، و(674) معتمداً من (5) دورات، يساوون (9120) معتمداً، قبل خفضهم إلى (134).
ولا تنس يا صاح، لقد أضفنا السادة المعتمدون والمحافظون للقائمة باعتبارهم منتجات (وطنية) خالصة، وضربنا صفحاً عن مديري المديريات من الكفار والنصارى، مثل (مستر جاكسون)، نظير والي الشمالية قبل (مية سنة)، وهو الذي من فرط انغماسه في الوزارة والإمارة، أن جمع نساء مروي قبل موته بسنوات، وطلب منهن أداء (بروفة) مناحة في وفاته الافتراضية، فقلن:
(ووب الليلي يا جكسم/ سِمع حسّ النحاس يرزم/ ووب الليلي يا جكسم/ يا جكسم قليل اللوم/ يبكنَّك بنات أبو دوم)..
ما علينا..
يمكننا القول، وفقاً لحسبة بُرمة السياسة، إن (15000) إلى (20000) وزيراً ومعتمداً ووالياً عاشوا بيننا، وبمقدور الأحياء منهم صنع مدينة افتراضية جديدة متوسطة الحجم، من بنياتها التحيتة المهمة، مستشفىً للأمراض العقلية، تستقبل الحالات الباردة منها والساخنة!
خلّي بالك..
عقب تغيير وزاري قبل سنوات، ذهب رجل في كامل ملابسه، عارياً من العقل إلى وزارة المالية، ونجح في الجلوس على الكرسي الدوّار ، قبل أن يأتي الوزير (سيد الإسم)، ويسحب المريض المنافس إلى السرايا الصفراء!
أنظر يا صاح، إلى ما كتبه الوزير (السابق) سبدرات في سفره، قال:
(قابلت صديقاً تم تكليفه بوزارة، واستمر وزيراً لتسعة أشهر وتسعة أيام. تماماً كما هي فترة الحمل والولادة، ثم تم إعفاؤه وخرج للشارع بلقب السيد الوزير. أسعده اللقب بداية الأمر وأصبح يميزه عن أقرانه، ثم بعد إعفائه أصبح أشقى الناس بوصف السيد الوزير لأنه أصبح يشكل عقبة كأداء أمام رزقه ومعاشه.
كان موظفاً كبيراً لمنصب، ثم فاجأه المذياع ونثر التلفزيون ضوءه الباهر، في الحروف المكونة لاسمه، وأدى القسم وزيراً، ثم يفاجئه خطاب كاكي اللون بإعفائه. ثم ها هو يتقدم بعد صرف الماهية الأخيرة للبحث عن وظيفة!
ها هو يقف أمام اللفظ السابق السيد الوزير، فلا يمكن أن يرجع لوظيفته السابقة لأنه تخطاها بلقب السيد الوزير، ثم ها هو السوق يقفل عليه كل باب، ويجابهه بقول حازم بليغ: لقد كنت وزيراً، فماذا أمامنا أن نفعل وقد تقلدت منصب السيد الوزير)؟!
بعض الوزارات – كما يقول سبدرات – تبتلع الوزير، و(بعضها تجعله قمراً منيراً. بعضها يجعل لسان الوزير في كل مايكروفون، وبعضها يخطف بصر الوزير. ثم أن بعض الوزراء محترفون في السياسة واصطياد المناسبات واقتناص الفرص. وبعضهم جاءته الوزارة بغتةً من حيث لم يحتسب، وما يزال تحت صدمة المفاجأة. وبعضهم جاءته الوزارة ولكن لم يكمل فيها عدة المطلقة).
خلّي بالك..
قال الراوي، أن وزيراً من الذين ينتظرون دورهم الآن للعلاج في معهد الأورام الوزارية، زار احدى المؤسسات الصناعية، ولمّا وصل موكبه المهيب إلى مبتغاه، رفض الهبوط من سيارته لأن مصوري التلفزيون لم يصلوا إلى المكان بعد.
لمّا يئس الوزير من وصول الكاميرات، هبط من عليائه يسبقه (بوزه) الممدود، ليصافح موظفي المؤسسة الذين اصطفوا متقابلين لتحية وجه الوزير الكريم، ولمّا كاد ينتهي من المصافحة ويلج إلى المؤسسة، ظهرت كاميرات التلفزيون على أكتاف المصورين!
حينها، أمر الوزير باعادة (تمثيل المشهد)، وتجديد المصافحة من أول الصف، لتمكين المصورين من توثيق الزيارة!
أها..
هذا أول (بيشن) في معهد الأورام الوزارية الحميدة!
التعليقات مغلقة.