خاطرة

ود تكتوك.. حرف ورؤيا

نسب للشيخ فرح ود تكتوك ، حكمته المسجوعة في أسطر مدونات التراث، وتداولات الروايات الشفاهية، حين قال أن آخر الزمان (السفر بالبيوت والكلام بالخيوط) وقيل في تفكيك معاني النص، انه تنبأ في ذاك بالقطار ، والتلفونات !

وان كانت كبسولة الزمن قد عبرت بمن وقفوا عن قوله، مطالعة وبيانا الى ان السفر نفسه ربما يتحول الي مطلوبات ضغطة “زر” ، اذ الان تنعقد المؤتمرات واللقاءات عبر دوائر اتصالات مسموعة ومرئية، وكذا الحال بالتلفون الذي تحول الي بعض من جزء، يصلح للحديث والكتابة ومشاهدة التلفاز واجراء المعاملات، ولم يتبق سوى (تطبيق) ان يرفع الهاتف الذكي اللقمة الي فم المواطن او الزبون !

تطورت في ثنايا هذا ملامح الأداء الإعلامي والصحفي ، صحيح ان الصحافة الورقية لا تزال صامدة تكافح ، لكن بالمقابل تمددت سطوة الصحافة الالكترونية وعلى ارباك التعريف لجهة ان الصحافة الورقية في شغلها انما هي الان عملية الكترونية من خلال تحويل النص عبر مراحل الي نهاية ذات مخرج يتم بآلات وآليات الكترونية فالشاهد هو تمدد الاعلام الجديد وشيوع الوسائط التواصلية، لذا فان نظريات تتعلق بالخبر وسقوفات صناعة خيارات الفنون التحريرية قد تغيرت، وصار الجميع رواة وناقلون، مصادر وشهود..  وقبل هذا كله معلقون.

ميزة هذا التطور شمل كذلك تصورات أخرى للقيمة الزمنية والوقتية المحددة لحياة السبق الصحفي او المنجز.

صارت كل ثانية ودقيقة صالحة، ومبذول لها خيار النشر والذيوع ، كل اغماضة عين صارت تنتهي عين فتحها بحدث معلق على رايات (عاجل) ولم تعد الصحافة هي ذاك الامبرطور الذي يصحو فجراً او ضحى ليجد ان الشعب بانتظاره لسماع اخبار (صاحبة الجلالة)، كل ثانية من ليل ونهار تنتج منشوراتها وهو ما يستوجب حتما التنبيه الي ان الاستثمار او الافادة او التوظيف في هذا المضمار يتطلب أنساق واعمال وهياكل جديدة ومبادرات تواكب هذا التطور بما يحفظ ويوفر منابر اعلامية ذات اداء احترافي ورسالة تتفق وتطورات الاعلام العصرية.

جميل ومبشر ، ان تنتبه عقول سودانية من اصحاب الاستنارة والوعي ثم النباهة الي اهمية بروز محتوى سوداني بالاخبار والمنشورات ، نحن بلد يتوافر على تجربة اعلامية عريقة وكوادر مشبعة بالمعارف والمواهب ذات الفعالية ، وهي ميزات تمنح خوض تجارب وبناء قواعد صحفية للإعلام الجديد والرقمي وامكانية النجاح والانتشار ثم التمدد خاصة إن قام الامر على اجتهادات جادة وشد الى قوائم تاسيس محترفة ومهنية ولهذا – ولكثير غيره – ادعم تمام هذه التجربة مع اطمئنان بالثقة في النجاح والعبور قياسا على قولنا العامي ..الخريف اللين من بشايرو بين ..