باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

القطار لا يخطيء مساره .. بل يخطيء الساسة

محمد لطيف

1٬252

لعلى المواطن الوحيد الذى تغمره سعادة لا حدود لها حين يفاجئه قطار فى قلب الخرطوم ويلزمه بالانتظار طويلا امام معبر أغلقه مرور ذلك القطار .. وبقدر ضيق الآخرين تكون سعادتي حين يكون مرور ذلك القطار مناورة وليس مرورا عاديا .. والمناورة لغة كما نعرف هي الالتفاف و .. اللف والدوران .. اما اصطلاحا فهى تعني عند اهل السكة الحديد سلسلة من التحركات تضع القطار في نهاية الامر في مساره الصحيح .. يعني لا لف ولا دوران .. وهذا ديدن السكة الحديد اصلا .. فالقطار يسير فى خط مستقيم .. لا يرتاد الأزقة والحوارى .. واللف والدوران .. والذين يعترضون طريقه هم المخطئون .. هل سمعتم بسائق قطار حررت له مخالفة مرورية .. ؟ بالطبع لا .. ولكن القاعدة هناك ان .. المرحوم غلطان .. لان السكة الحديد لا تغلط .. بل اخطأ الساسة .. في مختلف المراحل والعهود .. حين خانوا عهد السودان مع السكة الحديد .. فالسكك الحديدية هي التى شيدت السودان .. اولا بانتشارها الخرافي حين تمددت خطوطها وبالتالي قاطراتها بطول السودان وعرضه .. وهى تحمل التطور والرقى وكل مظاهر المدنية الى كل الأصقاع .. ثم وثانيا .. وهى تحمل الناس والبضائع والخدمات والبشريات الي تلك الأصقاع .. وتشكل شريانا حقيقيا للاقتصاد السوداني .. تضخ فيه فى كل ساعة دما جديدا مؤكسدا .. يمنح الحياة .. وحين تقطعت تلك الشرايين .. كان طبيعيا ان يدب الخور والضعف فى جسد الاقتصاد ..!

اما مصدر سعادتى .. فتلك اللحظات التى يجبرنى فيها القطار على انتظار مروره .. تعتبر بالنسبة لى سانحة نادرة انتزع فيها نفسى من زحام .. خرطوم السجم هذه .. لأعود لسنوات طويلة .. حيث كانت عطبرة والسكة الحديد .. وكلاهما وجهان لعملة واحدة .. تمثلان لنا كل الحياة ..بالقها واشراقها وبهائها وصفائها .. وعطائها المتصل .. خيرا ونماءا .. على كل الأنحاء .. وكما ان قناعتي لن تتغير بانه ورغم كل الضجيج المثار فى وحول الجزيرة وايلا فشهادة نجاحه الحقيقية لن تكون الا بان يستعيد مشروع الجزيرة عافيته .. فقناعة اخرى توازى هذه بان عطبرة لن تستعيد عافيتها .. بل وكل الاقتصاد السوداني لن يستعيد عافيته الا بعودة الشريان الرئيسى لهذا الجسد للعمل وضخ الدماء عبر خطوطه المترامية في كل الأنحاء ..

ولئن كنّا قد تحدثنا أعلاه عن اخطاء الساسة في حق السكة الحديد .. فدعونا نقف الْيَوْمَ عند محاولة لتصحيح تلك الأخطاء .. ونحسب انها محاولة جادة .. فكيف تكون الجدية .. ان لم تكن اضافة قطار جديد لأسطول السكة الحديد .. وكيف تكون الجدية ان لم تكن اضافة خط جديد .. وبالتالي استقطاب عملاء جدد ..؟ ولان كل هذا لمما يعزز مسار ما ندعو له من ان تعود السكة الحديد سيرتها الاولى .. فما كان لنا الا ان نلبى دعوة وزارة النقل وسكك حديد السودان .. لنكون شهودا على وصول .. قطار الجزيرة .. الى ميناء بورتسودان .. قبل سنوات زرت عطبرة ضمن وفد صحفي .. كانت اهم ملامح تلك الزيارة جولة فى ورش السكة الحديد فى عطبرة .. كان ثمة عمل يجرى على الارض بالفعل  .. وان بدت لى ارقام الفروض فلكية .. تابعت بعض الشيء .. ثم نسيت كل شيء .. سيما واننى لم الحظ تغييرا يذكر .. وضن وزير النقل على. السكة الحديد بالمدير الذى أشعل يومها جذوة الإصلاح .. فأخذه الى الوزارة .. حتى حسبه اااناس .. اى الوزير .. جزءا من المؤامرة على السكة الحديد .. فقد تراجع كل شيء .. ان لم يكن قد توقف .. ولكن ها هو إنجاز حقيقي يعيدنا الْيَوْمَ الى السكة الحديد .. بعد ان صحح الوزير موقفه .. وأعاد للسكة الحديد منجز شعلة التأهيل .. المهندس ابراهيم فضل .. الاحتفال الذى شهدناه بالامس في مدينة بورتسودان يجد القارىء تفاصيله في غير هذا المكان .. ولكن الذي لفت نظرى ان المهندس ابراهيم فضل والذي كان قد وقع عقد تصنيع قطار الجزيرة وغادر السكة الحديد .. كانت الصدفة تعيده لذات موقعه ليكون في استقبال ثمرة جهده .. وكثير من الذى قاله بالامس وتنقله الْيَوْمَ محررتنا النشطة اماني خميس يستحق الوقوف عنده .. نعود اليه في إطار دعمنا المعلن للسكة الحديد كواحد من ركائز السودان الرئيسيّة .

التعليقات مغلقة.

error: