باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

مصطفى أبو نورة..أبرياء العريش

1٬023
– قطرة أولى..
– أضحى التوقف عند الدهشة محطة تجاوزها العقل بمسافة فهذا الزمان بالإمكان أن تتصور ما لم يخطر ببال إبليس نفسه.. آخرها فاجعة الروضة بالعريش.. تذيلني إحساس غامض تجاه ما تراه العين من أشياء..
– العين عندما تألف شيئاً تُشعِر العقل بأن الأمر على ما يرام..ولا تنبهه بأن هناك خطبٌ ما..
– عادي.. عادي..عادي..
– ككل شيء عادي كالمعتاد تتعثر به أعيننا ونواصل الخطى..
بدءاً بإبريق الشاي .. وإنتهاءً بأباريق المراحيط.
– وما بين هذا وذاك هكتارات من الماء والدماء.. تجري وتضرب مشواراً مؤلماً.. كما تضرب أكباد الإبل شاسع البيد.
– الكل يضرب بعضه..
– وعالم من الحقيقة يفنى.. تتآكل أبعاضه..ويصبح ضرباً من ضروب الخيال والخرافة.
– تتأرج أنت بعيداً عن تلك المضارب..
– وعاءً فارغاً يوضع في منتصف الباحة.
– فتتعاظم القطرات الدامية في قاعه.. وثقافة التقطير تصيب (عدواها) جغرافيا الزمان وتصبح ثقافة للمكان..
– القطرات.. تملأ الفراغ.. على نحو مؤسف.. يتوقف له القلب.. وينفجر الدماغ..
– يتناثر المن والسلوى على المطمئن من الأفئدة والواجف منها.
– فتمتليء أوعية ومواعين الأكواب.. في المنتصف.
– تتقاذف الأشلاء فيما بينها ويعلو منسوب الأحمر القاني.. لا أظنك تلتبس ما بين مذاقي المشهد، والشاي.

قطرة ثانية..

– أليس كل ما تخطه أقلامنا ننتشله من معين الـ 28 حرفاً
– هي ذات اللبنات الأبجدية التي تشكل بنيان نصوصنا.
– هي ذات الحروف التي نكتب بها جميعاً، ولا غرابة.
– ذات أساس البنيان الذي يُشيد كلامنا وحركاتنا وسكناتنا.جميعنا.
– تماماً كعويل نساء على رجل مات في قرية مجاورة.
– ذات الصراخ.. وذات نشيج السواكل، وذات التكرار في القرى المتجاورة.
– تتغير الوجوه.. والمشهد هو هو.
– مشهد يتكرر كبيوت القشلاق المتناسخة.
– فعلى هذا الأساس يكون مبدأ المساواة.
-أو ليست بيوت الشعر والقوافي تشابه ما يعادلها من بيوتات الطوب والرواكيب..
– سيان أن تنام في قافية.. أو تنام في بيت المال.
– فكرة أن (تبيت) في بيت.. أو تعشعش في (عش).. أو تشرع في (الشارع) حيث الشماسة أبناء الشمس و(القافية)..
– تؤمن على مبدأ هذه الفكرة وتشرع في تصديقها..
– وانسحابها على تصرفاتك..
-كالساذج من الناس .. تكفيه لفة واحدة.. للخروج من الواقع..
– مثلما يفغل متعاطي الكيف..تكفيه أيضاً لفة واحدة للخروج من المعنى.

قطرة ثالثة…
– عند منتصف النهار  ينتقل مؤشر تجمع القطرات إلى المداخل .. ويصبح التصويب مباشر.. وفي غاية الخطورة.. صدور الرجال تتعرى.. وصراخ النساء يتخذ وضع الاستعداد.. ينتظر الاشارة.
– الوعاء في الأسفل يتمطى في المتسع..
– الأعين خلف عصاباتها السوداء تختبي وألسنة النشنكات تستطيل..
–  هنا قصة من التاريخ البشري الأزلي..
– يقال بأن هناك صنف واحد من المخلوقات..
– يتمترس خلف ترسانة من السلاح.. لعدو واحد..
– عدو  ليس من كوكب آخر..
– إنما من تمام الجنس والفصيل..
– فيبدأ المشهد..
-هنا كوب من الشاي الساخن..
-وهناك كأس من الدماء الباردة تسيل..
-البنادق تعوي.. والرؤوس تنفصل عن أجسادها..
-اتحسس رأسي الملتصة بجسدي أراني حياً
– ونحن منشغلون بروائح البخور والعبق..وسخونة الشاي تخالط البخور.. هنا عقول مضبوطة في خانة الصامت.. والأعين لا يهزها وضع الاهتزاز أبداً..
– وهناك ما زالت البنادق تعوي في هذه الساعة المتأخرة من الصمت.. الدماء تنبجس من صدور الرجال.. كما تنبجس مسرات هاجر زمزماً ..
– البارود يعبق المكان شبالات للنساء الباكيات تواً ولحظة..
– وظروف البارود تثلج نخب الدماء في جوف الوعاء.
– نخباً بارداً وثقيلاً.
– رحم الله هؤلاء الأبرياء.
– أما بعد.
– كفانا موتاً.

 

التعليقات مغلقة.

error: