باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

عادل عبد الحميد آدم: كارثة اعتماد مجلسي السيادة والوزراء الوثيقة الدستورية المعدّلة

1٬088

لقد بات واضحا أن ما تمظهر في معضلة كيفية تعيين رئيس القضاء والنائب العام ، قد أسفر عن حقيقة كارثية – لا تحدث في أي دولة في العالم – وهي انه حتى هذه اللحظة من غير المعلوم يقينا الاساس الدستوري الذي تدار البلاد ، وان ماهية الوثيقة الدستورية الحاكمة انيا غير معروفة على وجه الجزم والتأكيد ، وانه يصعب تحديد ما اذا كانت الوثيقة الدستورية الصحيحة هى الوثيقة الموقعة مبدئيا ام هى الوثيقة ذات ال (78) مادة؟

حتى يوم أمس الاربعاء 2 اكتوبر كان مجلسي السيادة والوزراء على ذات الوضعية من الحيرة الدستورية ، بدليل ان مجلس السيادة كان قد لجأ إلى المحكمة الدستورية ينشد رأيها حول صحة التعديلات الدستورية على الوثيقة الدستورية الموقعة مبدئيا حتى يتمكن مع معرفة الاساس الدستوري الذي يستند عليه في أعماله ، وقد أمتنعت المحكمة الدستورية عن إبداء رأي صريح في الطلب تاسيسا على ان أمامها قيد النظر طعون تتعلق بدستورية الوثيقة الدستورية.عليه فقط حزم مجلسي السيادة والوزراء أمرهما وتوافقا علي قرار (اعتماد) الوثيقة الدستورية المعدلة ذات ال78 مادة، دونما بيان للسند الدستوري الذي يقيم ذلك.

وأعلن وزير الإعلام ان مجلس السيادة سيقوم بتعيين رئيس القضاء والنائب العام خلال 24ساعة.

لقد كان من المؤمل أن يورث التعامل السابق مع الوثيقة الدستورية في موضوعي التعديلات والتعيينات، الحكمة بحيث لا تتم مقاربتها الا وفق استكمال مترتبات المآلات والانعكاسات.

ولذلك وفي ظل وضع ضبابي وعدم اليقين الذي يحيط بمعرفة الوثيقة الدستورية الصحيحة، فانه لم يكن من الحكمة اطلاقا ان يقرر مجلسي السيادة والوزراء (اعتمادهم) الوثيقة الدستورية ذات ال78 مادة أو حتى تفضليهم للوثيقة الاخري المعدلة.

فالمقام بالنسبة لمجلسي السيادة والوزراء، ليس مقام تحديد واختيار لاحدى الوثيقتين الدستوريتين تفضيلا على الوثيقة الاخري استنادا على التوافق او التصويت. وانما هو مقام للتقرير في شأن ما اذا كان المجلسين (السيادة والوزراء) يملكان سلطة للبت بصحة احدى الوثيقتين الدستوريتين ومن ثم (اعتمادها) وعدم صحة الوثيقة الاخري وبالتالى استبعادها !! .

الواقع ان مجلسي السيادة والوزراء لا يملكان على الإطلاق اي سلطات دستورية تخول لهما اعتماد احدى الوثيقتين الدستوريتين وتفضليها علي الاخرى.
فسواء اختار مجلسي السيادة والوزراء الوثيقة الدستورية الأولى واستبعد الوثيقة الثانية او اختيار الوثيقة الدستورية الثانية واستبعد الوثيقة الأولى، فان قراره سيكون حتما مظان دعاوى وطعون دستورية تستغرق كامل الفترة الانتقالية ووتفرغها من مقاصدها وبالتالى تعدم اي انجاز للحكومة الانتقالية.بموجب كلا الوثيقتين الدستوريتين الأولى المبدئية والثانية المعدلة لا يملك مجلسي السيادة والوزراء آي سلطة تخوله للتقرير في دستورية الوثيقتين الدستوريتين وتحديد ايهما الاصح.

إن الجهة الوحيدة التي تملك سلطة تحديد وبيان الوثيقة الدستورية الصحيحة هي المحكمة الدستورية، وقد أوردت في ردها على الطلب المقدم من مجلس السيادة لافادته عن صحة التعديلات على الوثيقة الدستورية ذات ال78 مادة ،ان أمامها قيد النظر طعون دستورية تتعلق بالوثيقة الدستورية، الأمر الذي يمنعها من ابداء راي صريح حول التعديلات الدستورية ومن ثم يمنعها من بيان الوثيقة الدستورية الصحيحة.

مما لاشك فيه أن اي قرار ستصدره المحكمة الدستورية في ايا من الطعون الدستورية قيد النظر أمامها سوف يوضح ويحدد ضمنيا الوثيقة الدستورية الصحيحة التي تعتمدها المحكمة الدستورية وتستند عليها في أحكامها.

والى حين حدوث ذلك من قبل المحكمة الدستورية – وهو امر يمكن لوزير العدل المساهمة في تعجيله بتقديم التماسات استعجال الفصل للمحكمة الدستورية – فانه يجدر بمجلسي السيادة والوزراء التخلي عن قرار اعتماد احدى الوثيقين الدستوريتين على حساب الوثيقة الاخري والتخلى عن بناء قرارات ومواقف بالاستناد على ذلك والا ضاعت عليهما الفترة الانتقالية في محاولة اصلاح الاضرار المترتبة على ذلك كما يجدر بهما إعادة تقييم الاستشاريات القانونية التي يقيمون عليها قراراتهم .

فيما يتصل بتعيين رئيس القضاء والنائب العام فانه ينبغي العمل على وقف اضاعة المزيد من الوقت من عمر الفترة الانتقالية قصيرة الامد عظيمة المهام وذلك بالاستناد في تعيينهما على *النصوص الوفاقية غير الخلافية المشتركة في الوثيقتين، لأنها مأمونة الجانب ولا تتيح للمخالفين إمكانية تقديم طعون دستورية ففيها يشار في التسمية الى الوثيقة الدستورية فحسب دونما تحديد للمعدلة او المبدئية.

ويتم تعيين رئيس القضاء والنائب العام من خلال إصدار مجلسي السيادة والوزراء لقانون مجلس القضاء العالي وتشكيل المجلس الأعلى للنيابة العامة فيشكل مجلسي السيادة والوزراء من خلال القانون مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة –على اي وجه يكفل تحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية ويأمن استقلالية القضاء والنيابة العامة – ويرشح مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة كل على حده رئيس القضاء والنائب العام.

إن تعيين رئيس القضاء والنائب العام من خلال مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة العامة على الوجه الذي اوردناه لم يكن ليحتاج لكل الزمن الذي انصرم في الجدال حول الوثيقة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام، وكان من الممكن أن يتم في اجتماع مجلسي السيادة والوزراء الذي أعتمد الوثيقة الدستورية ذات ال78 مادة ، والتي لو تم نشرها في الجريدة الرسمية فإن من المؤكد ستفتح نافذة لخلاف لا نهاية له.

أن الامر بالغ الضرورة في إصدار مجلسي السيادة والوزراء لقانون مجلس القضاء العالي وتشكيل المجلس الأعلى للنيابة هو ضرورة أحكام الصياغة القانونية على نحو يكفل تشكيل مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة من شخصيات وجهات تؤمن بأهداف الثورة وتكفل انفاذا مهام الفترة الانتقالية وفق برنامج وتوقيتات محددة.

ان كان من نصيحة اخيرة اسديها فهي ان يسارع السيد وزير العدل وقبل فوات ويوقف اجراءات نشر الوثيقة الدستورية (ايا كانت)في الجريدة الرسمية تجنبا لاضرار لا يمكن تداركها والى حين تقرير المحكمة الدستورية في متن أحكامها الوثيقة الدستورية الصحيحة التي تستند عليها.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: