باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

مصير موسى هلال.. السيناريوهات المحتملة

3٬973

 

 

تعاطف يعقبه تحسّر تارة ولعنات يتبعها تأفف.. هكذا استقبلت الخرطوم صور موسى هلال وهو يهبط إلى مطار الخرطوم مُعتقَلاً من مستريحة، وتشهد الأسافير جدلاً كثيفاً امتد ليشمل ويدور حول مصير هلال نفسه في ظل إحداثية تقول بأنه ما يزال يعد ابن الحكومة العاق. (السوداني) سعت لبحث السيناريوهات التي تكتنف مصير الرجل.

 

 

المحاكمة أولاً

لم تكن أسوأ كوابيس أنصار (شيخ) موسى وتوقعاتهم المتشائمة تذهب إلى أنه سيأتي يوم يرون فيه (شيخهم) منزوعاً من زعامته وأنصاره، محمولاً على ظهر هزيمة كما قالت بذلك قوات الدعم السريع. كثيرون رجحوا أن يُقتل هلال في الاشتباكات التي طالت مستريحة بسبب رفضه تنفيذ أوامر الخرطوم والانصياع لتعليماتها بالاندماج في الدعم السريع أو تسليم السلاح، الأمر الذي زاد من وتيرة الخصومة، فكان تطاوله على الخرطوم التي صنعته ذات يوم من ضلع أعوج، بيد أن الرجل وصل سليماً غير مصاب – طبقاً لما نقلته صور إعلام الدعم السريع -.

اعتقال الرجل الموصوف بـ(الأسطورة) فتح الباب أمام التكهنات والتحليلات التي تبحث مصيره وتستنتج مستقبله، بيد أن أبرز وأخطر السيناريوهات جاءت على لسان قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي في حديثه لـ(السوداني) أمس، بأن القانون سيُطبَّق على موسى هلال لأن لديه جرائم كثيرة جداً، وأضاف: “نحن جئنا به للقانون ونريد العدالة”. وحدد حميدتي طبيعة القانون الذي سيخضع له هلال، وقال: “هلال عسكري وسيُطبَّقُ عليه القانون العسكري، ولأنه من العسكريين لذا تسلمهم الجيش”، وتابع: “سيُحاكم محاكمةً عسكريةً بالطبع”.

سيناريو المحاكمة لا يبدو غريباً في سياق رفْض هلال في وقت سابق توجيهات حكومية بدمج قوات حرس الحدود التي يتزعمها في قوات الدعم السريع بالإضافة إلى رفضه حملة جمع السلاح التي ابتدرتها الدولة في كل السودان، الأمر الذي عدته الدولة عصياناً يستوجب العقاب لتأكيد سطوة وهيبة الدولة من جهة، وعدم السماح بانتقال عدوى الخروج عن الطوع من جهة أخرى.

فيما تذهب مصادر مقربة من الطرفين (حميدتي وهلال) في حديثها لـ(السوداني) أمس، إلى أن محاكمة هلال تبدو منطقية لكن من الضروري أولاً توجيه اتهام واضح له ومن ثم تحديد مواد بعينها في القانون لاتهامه بارتكاب جرائم تتسق معها، ودون ذلك لن تتم أي محاكمات، وأضاف: “حالياً يتم التحري معه، ولكن لم تُوجَّهْ له أية تهمة”.

وبحسب أحد قيادات الإدارة الأهلية أمين عام الحركة القومية للسلام يعقوب عبد الكريم، في حديثه لـ(السوداني) أمس، فإنه يمكن توجيه التهم لهلال، والتي تتمثل في رفض تسليم السلاح أو رفض قرار دمج قواته في الدعم السريع أو الاشتباك مع الدعم السريع في مستريحة أو الاعتداء بالسطو والنهب للحصول على عربات وأسلحة، أما من الناحية الأخرى فاستبعد تقديم هلال للمحاكمة لأنه لم يرفض جمع السلاح وإنما رفض الطريقة التي يُجْمع بها السلاح فقط؛ كما أنه لم يكن يحمل سلاحاً وليست معه قوات لحظة دخول الدعم السريع إلى مستريحة للتفتيش عن سلاح ولم يمنعهم من ذلك، بالإضافة إلى أن الاشتباكات التي وقعت فيما يعرف بالكمين لم تكن في بادية موسى هلال وإنما بعيدة عنها.

التصعيد للتسوية

سيناريو آخر برز في فضاءات مصير موسى هلال المجهول. ويذهب كثيرون من أنصار هلال إلى أن ثمة تصعيد يتشكل في الأفق من قبل تنظيمه المعروف بمجلس الصحوة ربما يكتسب طابعاً غير محمود لجهة عدم توقع الجميع لما حدث والارتباك الذي برز عقب الاشتباكات وما تم في مستريحة وخروج بيان منسوب لمجلس الصحوة الاستثنائي يتوعد فيه الحكومة، مُعلناً وفاة موسى هلال، ليُضاعف بذلك من الشائعات مُغذِّياً الاحتقانات النفسية لدى جهات أخرى.

فيما يرى آخرون من أنصار موسى أن مجلس الصحوة وأنصاره لن يقوموا بالتصعيد اتساقاً مع المواقف الأخيرة لهلال نفسه إبان دخول الدعم السريع إلى مستريحة من أجل السلاح، ومن ثم فإنه لن يوافق على أي تصعيد، كما أن هلال يدرك جيداً ما يمكن أن يحدث وتكاليف التصعيد نفسها. واستبعد أحد أبناء عمومة حميدتي ويشغل منصب قاضٍ في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن يحدث تصعيد يقود إلى فتنة، ويرى أنه طالما هناك حكماء كنائب الرئيس حسبو عبد الرحمن وعبد الله صافي النور وعبد الله على مسار فإن الأمر لن ينفلت أو يحدث تصعيد، مُرجّحاً حدوث تسوية سياسية لجهة أن موسى هلال ليست لديه مشكلة مع الدولة بقدر ما أنها مع أفراد في الحكومة – لم يفصح عنهم -.

العفو والإقامة الجبرية

تحليلات عدَّة تُرجِّح أن تعفو الدولة عن هلال فيما يخص مسائلها وقضاياها معه، بينما يربط كثيرون العفو برضا الطرف الآخر ممثلاً في حميدتي كشخص لا كقائد للدعم السريع بحكم أنه فقد ابن عمه وزوج شقيقته في اشتباكات ما قبل اعتقال هلال، ويرون أن ثمة حقاً خاصاً، ويقدرون أنه طالما رأت الدولة عبر قمتها ممثلة في الرئيس البشير إمكانية العفو عن هلال، إلا أن ذلك لن يكتمل إلا بعد ضمان الحصول على عفو حميدتي كأسرة وأولياء دم – إذا جاز التعبير -.

عموماً، رغم ما يحيط بهذا التحليل من وجاهة، إلا أن القيادي والسياسي المهندس إبراهيم مادبو في حديثه لـ(السوداني) أمس، قال إن القضية بالأساس ليست قضية قبيلة، بل هي أمور ومسائل القوات المسلحة، وأضاف: “بالتالي نرفض تماماً الحديث هنا عن القبيلة، وحميدتي ينفذ التعليمات والأوامر ويأتمر بأمر رئيس الجمهورية وينفذ تعليمات حسبو التي نزلت له من رئيس الجمهورية”، وتابع: “خصوصاً أن جمع السلاح يعترَّض كثيرون عليه لكن كان يجب الانصياع لتوجيهات الدولة ومن ثم يوضح تحفظاته واشتراطاته ومطالباته فكل ذلك شرعي، بدلاً عن تحدي هيبة الدولة”. وأكد مادبو أن الكثيرين غير مرتاحين لحديث حميدتي عن موسى هلال، واستدرك: “لكننا لا نريد أن تكون الأمور شخصية لأنه في نهاية الأمر يُنفِّذُ التعليمات”.

سيناريو آخر

عموماً يبرز سيناريو أكثر منطقية وواقعية بحسب الكثيرين، ويتمثَّل في أن الأزمة إذا كانت شخصية في عُرْف الكثير من المنظرين فإنها تتبلور حول الزعامة، وطالما أن هلال ظل على الدوام متمسكاً بدوره كزعيم قبلي وأنه في كل المواقف يتصرَّف من هذا المنطلق، فإن الحل يكمن في العفو عن هلال مع استصحاب خطوة أخرى تتمثل في عزله أو إحالته للتقاعد من رئاسة قوات حرس الحدود، ومن ثم وضعه في إقامة جبرية، الأمر الذي يُنفِّسُ الاحتقانات التي تسببت فيها الأحداث بين أبناء العمومة وفي الوقت ذاته تؤدي الغرض التأديبي وتكرس للدولة هيبتها.

نقلاً عن السوداني

 

التعليقات مغلقة.

error: