لينا يعقوب: توبيخ..!

قبل أشهر، سارع الرئيس التونسي قيس سعيد، بمعالجة “أزمة تصريح” تسبب بها وزير دفاع بلاده، حينما وصف جميع الأطراف المتقاتلة في ليبيا بـ”المليشيات” بما فيها حكومة الوفاق، فاتصل سعيد، برئيس المجلس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، مؤكداً أن تونس تدعم حكومة الوفاق، المعترف بها دولياً، وأن أي تصريح صادر يخالف الموقف التونسي الرسمي يجب ألّا يشوش على العلاقة المتينة بين البلدين..
وخلال أزمة كورونا، وبخ قيس سعيد، وزيرة الصحة على مستوى المستشفيات قائلاً لها أثناء زيارة تفقدية، أنه لا تتوفر فيها الحد الأدنى لحقوق الإنسان.
وقبل نحو أسبوع، استدعى الرئيس التونسي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ليُوبخه أمام الملأ والعالم عبر فيديو موثق، إذ اعتبر الرئيس أن الوزير استغل منصبه لمصالحه الشخصية عبر السماح لابنته بقيادة إحدى سيارات الدولة، والتي تعرضت لحادث، لكن القضية التي كان من المفترض أن تسير نحو التحقيق تم تحويلها إلى المحكمة مباشرة، وهناك أيضاً اختفى الملف ولم يظهر له أثر.
بلا شك لن يقدم رئيس دولة على مثل هذه الخطوة، إن لم يكن متأكداً من “استغلال الوزير” لمنصبه، وهو ما يدلل على متابعته التفاصيل الصغيرة.
ما يفعله الرئيس التونسي رغم تعثر حكومته الواضح، يستحق الانتباه والإشادة، فقد اعتدنا هنا في السودان، ومنذ عقود طويلة، على أمرين أحلاهما مر، إما استمرار الوزير – رغم فشله – في منصبه، أو إقالته..!
فكرة المحاسبة التي لا تعتمد على الإقالة فيها كثير من التقويم، لأنه في العادة لا يكون متولي المنصب كاملاً وناجحاً ومميزاً، ولوم الوزير شفهياً أو محاسبته قانونياً أو توجيه مساءلة ضمنية له، فيه محاولة لإصلاح أدائه وإعادته إلى المسار السليم، وكذلك فيه عظة وعبرة لغيره إن ساروا في ذات النهج، ستكون العاقبة مثلهم..
مما يتضح في السودان أن هناك إخفاقات في أداء الوزراء، يتفاوت ذلك بين وزيرٍ وآخر.
في عدد من الدول الأوروبية مثلاً، يسارع الوزراء بالاستقالة، إن ارتبكوا خطأً بسيطاً، أما هنا فيظهر ضعف الإحساس بهذا الإجراء، لدرجة أن طلب رئيس الوزراء من وزرائه الاستقالة، حتى يتمكن من إقالتهم دون حرج أو حساسية..!
بل إن حمدوك بعد أن قبل استقالة خمسة وزراء، واضطر لإقالة وزير، غضبت أحزاب ومكونات قوى الحرية والتغيير، فأصدرت بيانات وأدلى قادتها بتصريحات تستنكر فيه الخطوة.
نحتاج لكثير من هذه المفاهيم والخطوات، فهل يا ترى هناك متسع..؟!