باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

في حوار مع العربية.. حمدوك: وزير الداخلية دوره محدود وهناك صعوبات في مسار السلام

2٬409

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لـ”العربية”:

حان الوقت بأن لا نعلق مشكلاتنا على “الأيادي الخارجية”
شراكتنا مع العسكريين متفردة ويمكن أن يتحدث عنها العالم
أداء الوزراء ليس بنفس الكيفية والإقالة هي الجزء الأسهل
السودان بعيد عن مصادر التمويل وسنظل محاصرين في (…) هذه الحالة
وزير الداخلية دوره محدود ونعمل على رفد المنظومة الأمنية بدماء جديدة
هناك صعوبات في مسار السلام لكننا نسير نحو الاتجاه الصحيح

في السودان، لم تعد حوادث الاقتتال محصورة في مكانٍ محدد، قبل أن تهدأ الأحوال في الجنينة بولاية غرب دارفور، تشتغل في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، وهكذا.
ومع هذه الحوادث، مازال السودان يشهد تحديات اقتصادية وسياسية مختلفة.
“العربية” وضعت عدداً من الأسئلة أمام رئيس الوزراء السوداني، د.عبد الله حمدوك، في مدينة الجنينة، التي مكث فيها لمدة خمسة أيام، فإلى ما قال:-

حوار: لينا يعقوب

*أنت موجود في مدينة الجنينة منذ أيام، برفقة وفد رفيع، ما الذي استطعتم تحقيقه حتى الآن؟
نحن نتجه الآن إلى اليوم الخامس، استجابة الحكومة كانت سريعة، بمجرد عِلمنا بالأحداث بدأنا تحركا جادا وكونا لجنة تحقيق وأرسلنا وفدا من كل الأجهزة النظامية، كان هدفنا الأول حقن دماء المواطنين، الذين نترحهم على أرواحهم، حضرنا بوفد عالي المستوى مكون من كل الأجهزة الحكومية لنقضي على الفتنة، كما نعلم هناك أسباب عديدة للصراع، جزء منه تاريخي وآخر متعلق بتعقيدات الانتقال في معالجة النزاعات الإثنية، نعيش تركة المؤتمر الوطني، لكن في تقديري ما أنجزناه من أشياء تمت على أرض الواقع سيساعد في حلحلة المسألة بعد تشكيل لجنة التحقيق والعمل الجاد في جمع السلاح وإعانة المتأثرين، فضلاً عن الغوص في أسباب النزاع عبر المكونين “العرب والمساليت”، لابد أن تتمكن المكونات من العيش بسلام، وبإمكاننا حل المشكلة.

*هناك تقصير أمني، وهذا التقصير يُحسب على حكومة حمدوك؟
نحن أصلاً ما “حنغتغت” الأشياء، الأجهزة الأمنية بذلت جهداً كبيراً في حل المسألة خاصةً خلال الأيام الماضية، هناك أشياء كان يمكن تداركها، لكن في تقديري هي أشياء لا تُحسب على مكون أمني فقط، هي مسؤولية مشتركة، ونحن شكلنا لجنة تحقيق لن تدع شيئا إلا بالوصول إليه، سواء كان تقصيراً من الجهات الأمنية أو بالوصول إلى الجناة أو مرتكبي هذه الأفعال.

*وأنت في الجنينة ظهرت أحداث في كادوقلي وبورتسودان، هل نتوقع مغادرتك إلى كل ولاية مع اشتعال الأحداث، أم أن هناك خطة للتعامل مع هذه الأزمات وتحليل ما يجري؟
المنهج الذي اتخذناه في معالجة ما يحدث في الجنينة نتمنى استصحابه في كل الأحداث الأخرى، وهو منهج يقوم على سيادة حكم القانون، صحيح هناك دور كبير للإدارات الأهلية والتقاليد المجتمعية، لكن هناك تهاونا أيضاً في مسألة القانون، كل من يرتكب جرماً سيجد جزاءه في محاكم عادلة، خاصةً جرائم القتل التي نشدد على محاسبة مرتكبيها بشكل صارم، وسوف نقوم بذلك.

*هل هناك أيادٍ خارجية تعمل على إشعال الخلافات؟
لا أعتقد أن هناك أيدي خارجية، بل هي تراكمات بينها التركة التي خلفها النظام السابق، لكن حان الوقت لمعالجة قضايانا كسودانيين، بأن لا نعلق الأخطاء في شماعة التدخلات الأجنبية والخارجية، بل هي قضايا مرتبطة بالانتقال وتعقيداته، وتواجهنا فيه تحديات كبيرة.

*هناك انتقادات كثيرة حول ملف السلام في جوبا وما يحدث هناك من فتح مسارات جديدة، وعدم معالجة القضايا الرئيسية المتمثلة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان؟
أعتقد أن ما تم إنجازه في ثلاثة أو أربعة أشهر من عمر هذه الحكومة في ملف السلام، هو خطوة متقدمة، في السابق كانت تتم حوارات عبر شهور وسنوات لم تصل إلى ما وصلنا إليه في هذا الزمن الوجيز، وكما ظللت أكرر مراراً أننا عندما نجلس في التفاوض مع قوى الكفاح المسلح، نتحدث مع رفاق، لأنهم ليسوا شركاء فقط، إنما جزء أصيل من هذا التغيير ساهموا فيه.. موضوع بناء السلام نثق أننا نسير فيه نحو الاتجاه الصحيح، وهناك صعوبات موضوعية مرتبطة بأشياء كثيرة، منها تعدد المسارات لكننا نتفق على أن معالجة السلام في هذه المرة يجب أن تعالج جذور الأزمة، لماذا نسير إلى حروب مدمرة جداً؟.. تركيبة موضوع السلام مرتبطة بخمسة محاور رئيسية، التنمية الاقتصادية والترتيبات الأمنية، والتعويضات وشكل الحكم والإدارة والعون الإنساني، وهي تسير بشكل مرضٍ.

*كيف تتم تنمية ولا توجد مبالغ مقدمة للتنمية، على الأقل من وجهة نظر بعض الحركات المسلحة، وهو ما أثار حفيظتها حول منبر جوبا؟
باستمرار أكرر أن السودان بلد غني، ونحن لا نحتاج إلى المعونات والهبات، لو أدِرنا اقتصادنا بشكل حصيف وجاد يمكن أن نحقق المعجزات، هذه الميزانية التي أُجيزت قبل أيام تشمل صندوقاً للإعمار والتنمية والسلام ومن مواردنا الذاتية، أي ما يقارب عشرة مليارات، لكننا بكل تأكيد نطمح في المزيد.

*لكن لا يظهر أن الوضع الاقتصادي يسير بصورة جيدة، هل تتوقع أن يتحسن الاقتصاد؟
مسألة الاقتصاد لا تعالج هكذا، هي تركة 30 عاماً لا يمكن حلها بين يوم وليلة، همنا الآن السير في الاتجاه الصحيح.

*أتعتقد أن الشعب سيصبر؟
نحن لن نكذب على شعبنا الذي صبر 30 عاماً، نستطيع أن نصبر قليلاً، لأنه مع بعضنا نستطيع تحقيق المعجزات.

*هل صُدمت بنأي المجتمع الدولي في تقديم دعم مادي واضح للسودان؟
المجتمع الدولي يتحرك عبر آليات وأطر وبرامج بدأناها معهم، أصدقاء السودان اجتمعوا أربع مرات، المجتمع الدولي سيساهم بشكل كبير معنا، لكننا نعتمد على مواردنا الذاتية، وما يرفده المجتمع الدولي للسودان هو زيادة خير.

*يبدو أنك تعول على أوروبا والمنظمات، وعلى الولايات المتحدة في رفع اسمه من قائمة الإرهاب، أكثر من تعويلك على طرق أخرى؟
نعتمد على مواردنا الذاتية ومعونات الأصدقاء والأشقاء، مسألة رفع العقوبات الأمريكية واسمه من قائمة الإرهاب، هي المفتاح للاقتصاد السوداني، باعتبار أننا بنينا مسألة تغيير الواقع الاقتصادي بخلق مناخ جاذب للاستثمار، وذلك لن يتم إلا برفع العقوبات، لأنها تُعطل كل أشكال التواصل مع السودان إن كان مع مؤسسات التمويل الدولية، كالبنك الدولي أو صندوق النقد.
السودان مفصول وبعيد من مصادر التمويل الدولية، ما لم يتم رفع اسمه من القائمة، سنظل محاصرين، لكن ما تم من حوار ونقاش جاد مع الإدارة الأمريكية، يسير في هذا الاتجاه.

*هل تعول على استرداد أموال المؤتمر الوطني وحساباته؟
نحن ساعون وبدأنا العمل بشكل جاد لإرجاع الأموال المنهوبة، لأنها أموال الشعب السوداني.

*أيمكن القول إن هناك أموالاً تم استردادها؟
مازلنا، هذا ملف فيه كثير من التعقيدات، وبدأنا بخطوات جادة.

*في ما يتعلق بملف العدالة، أترى أنها تتحقق بالتساوي في مختلف القضايا سواء لرموز النظام السابق أو أسر الشهداء، أم أن هناك أولويات؟
بكل تأكيد، لأنها إحدى الأولويات العشر وهي تحقيق العدالة وبدأنا بخطوات جادة، تمثلت في بناء أجهزة عدلية مستقلة تتمتع بقدر كبير من المصداقية والشفافية، مثل تعيين رئيس قضاء ونائب عام، وبدأت خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، لكننا ماضون في تحقيق العدالة.
لقد تابعتم المحاكمات التي تمت وهي قد استعادت للقضاء السوداني استقلاليته وهيبته، وكجهاز تنفيذي نريد أن نخلق تقاليد تحترم استقلال القضاء.

*كيف يُقيم دكتور حمدوك شراكته مع العسكريين؟
أنا سعيد بهذا السؤال.. لأن هذه الشراكة وبكل فخر يمكن أن نتحدث عنها إلى العالم، النموذج السوداني القائم على الشراكة بين المدنيين والعسكريين، الذين يعملون في انسجام كامل في مواجهة كل التحديات، حينما ننظر إلى المنطقة العربية والإفريقية، نتأكد أننا لا نريد التحول لنماذج مثل بعض البلدان، ليبيا، اليمن وسوريا، نحن ابتدرنا نموذجا يستطيع أن يقدم تجربة متفردة تتوفر لها كل أسباب النجاح، شراكة قائمة على مُكَوْنَيْن، لكن هذه الشراكة في أماكن أخرى أدت إلى دمار تلك البلدان، غير أننا الآن نبنيها بثبات وثقة، أعتقد أننا سنسوق هذه التجربة إلى جامعات لما لها من تمايز وتفرد حقيقي وفيها كثير من الدروس والعبر التي يمكن الاستفادة منها.

*أتثق بهم، أي هل هناك ثقة كبيرة؟
نحن في مركب واحد ومصيرنا مشترك، ونعمل بجد وإخلاص لإنقاذ البلد، بكل تأكيد نحن حريصون على إنجاز الفترة الانتقالية بكل تحدياتها ووضع لبنات صلبة لبناء إنسان ديمقراطي.

*وكيف تمضي شراكتك مع قوى التغيير؟
قوى الحرية والتغيير “تحالف عريض”، نجح خلال وقت وجيز في هزيمة الديكتاتورية، بكل تأكيد هو ليس حزبا واحدا، إنما خيمة كبيرة تشمل أغلب مكونات الشعب، والحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية للسلطة الانتقالية بِشقيها السيادي والتنفيذي، وهي التي تقود التغيير، وبكل تأكيد نعمل بانسجام، كما أن أي عمل مشترك تحدث فيه اتفاقات واختلافات، نحن نتقبل نقد بعضنا ونعمل سوياً لنؤسس لنموذج، وحريصون على هذه العلاقة، والانسجام هو صمام الأمان.

*هناك ملاحظات على أداء بعض الوزراء، ودون ذِكر أسمائهم، هل يتردد رئيس الوزراء في استبدال الوزراء وُيفضل منحهم فرصة جديدة؟
هذه الوزارات تشمل 20 وزيراً، بلا شك أن أداء الوزراء يختلف ولن يكون بنفس الكيفية، لكننا نعمل كفريق جماعي، وهي مسؤولية تضامنية مشتركة، اختيار الوزراء ليس خيار رئيس الوزراء وحده، إنما هو أمر يتم بمشاورة كل من رئيس الوزراء والحرية والتغيير والمجلس السيادي، ومع بعضنا نستطيع العمل على هذه المسألة، إن وصلنا لقناعة بتغيير الأداء في إحدى الوزارات، عبر رفدها بدماء جديدة أو تغيير آخر، فلن نتوانى في ذلك.

*لكن إقالة الوزير هي من صلاحياتك إن رأيت أن أداءه لا يتناسب مع المرحلة؟
أعلم ذلك، بكل تأكيد.

*يبدو أنك تريد وضع الكرة على ملعب قوى التغيير؟
لا.. هذه مسؤوليتي وأنا أتحملها بالكامل، الإقالة هي الجزء الأسهل، لكن لها ما بعدها، استبدال الوزير يتم بالتشاور وبنفس الطريقة التي تم تعيينه بها.

*في ما يتعلق بالولاة والمجلس التشريعي هناك تراخٍ ولا توجد جدية للإسراع بتشكيل المجلس التشريعي، فضلاً عن تعليق التأخير على انتظار تحقيق السلام في جوبا، رغم أن متطلباته ليست في المجلس التشريعي فقط إنما حتى في الجهاز التنفيذي والمجلس السيادي؟
بكل تأكيد، لكن في البداية كان ذلك ممثلاً في إعلان جوبا، وفيه التزام بتأجيل هذين المطلبين، لأنه مرتبط بالسلام، وكنا نظن أنه بإمكاننا إنجاز المسألة في منتصف ديسمبر، وفي إطار الاستحقاق لم يتوقف العمل على تشكيله، الترتيبات وتشكيل التشريعي والولاة تعمل بطريقة موازية مع قوى الكفاح المسلح.

*رأيك وتقييمك لجهاز المخابرات العامة، خاصةً أن البعض يتحدث أنه لا يؤدي دوره المطلوب؟
أعتقد أنه ليس جهاز المخابرات العامة لوحده، نحن في حاجة لإجراء إصلاحات هيكلية في كل المنظومة الأمنية، وفرصة تحقيق السلام توفر مناخا ملائما لخلق أجهزة أمنية. جهاز المخابرات والشرطة يجب رفدهما بدماء جديدة، وكذلك خلق جيش بعقيدة جديدة، أن تكون لدينا أجهزة أمنية حقيقية، تمثل الوطن بكل سحناته وتعدده وتنوعه، لذلك إحدى ركائز السلام هي الترتيبات الأمنية التي لا يقصد منها وقف إطلاق نار فقط، إنما رفد هذه المؤسسات بدماء جديدة وخلق مؤسسات تعكس تنوع وثراء الشعب.

*سؤالي الآخر عن الداخلية والشرطة.. ظهر “تريند” بإقالة وزير الداخلية، وهناك تراخٍ من قوات الشرطة في حماية المواطنين؟
واحدة من القضايا المتعلقة بالشرطة وعلاقة وزير الداخلية بالشرطة في الوضع الحالي، هي السلطات المحدودة جداً في ما يتعلق بتبعية الأجهزة الشرطية بمختلف تكويناتها إليه، نحن نعمل بأن نضع قانونا جديدا للشرطة، الأمر ليس دور وزير الداخلية فقط، إنما دور الشرطة في ظل النظام الديمقراطي، وهو يحتاج لتغيير كامل في المفاهيم، ونحن نسعى لذلك بخطوات حثيثة.

*إذاً أنت ترى أن فكرة تغيير الوزير، ليست ذات قيمة؟
لا.. لا أعتقد، لأن الوزير مكبل بقانون لا يسمح له بعمل شيء يجب فعله، هناك مقترح قانون جاهز لمعالجة المسألة.

*هل يمكن أن يرشح حمدوك مدير مخابرات من قوى التغيير؟
الوثيقة الدستورية أعطت تبعية جهاز المخابرات للسيادي والتنفيذي، هي أعطت الجيش بالكامل للسيادي والداخلية والشرطة للتنفيذي، وجعلت تبعية جهاز المخابرات مشتركاً، مع إخواننا في السيادي سنرى ما الذي يُمكن فعله.

*هل سيرفع الدعم من الوقود في العام 2020.. أم لا؟
الدعم مرتبط بما يعرف بعلم الاقتصاد السياسي، وهناك قضايا مرتبطة به، ولا بد أن يتكاملا مع بعضهما بعضا، لذلك قررنا تجميد التفاوض واتفقنا مع قيادات التغيير على إقامة مؤتمر اقتصادي قومي سيعطينا فرصة للنقاش بشكل جدي، نحتاج أن نصل إلى تفاهم مع شعبنا، وسنضع خيارات وسيناريوهات بكل ما تحمل الكلمة من دلالات ونتائج، ومن يقرر هو شعبنا ونحن على خياره.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: