باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

عمر سمير يكتب: المصريون وكأس العالم في قطر

1٬060

*قبيل انطلاق كأس العالم بأيام، ورغم المصالحة المصرية القطرية التي تعمّقت بزيارات متبادلة وضخّ استثمارات وقروض، إلا أن بعضهم، ضمن الإعلام الرسمي والموجّه وصفحات التواصل الاجتماعي للناشطين المقربين من النظام، خاض حملة للتصغير من إنجاز قطر هذه المهمة على أكمل وجه، وقد اجترّ هذا قطاعاً واسعاً من الجدل على مواقع التواصل.

*ورغم غياب منتخب مصر عن هذه النسخة من كأس العالم، فإنّ أحد أشهر الفيديوهات تداولاً كان لمجموعة شباب مصريين يؤدون أغنية المونديال باللهجة المصرية، وكذلك للنجم المصري واسع الشعبية، محمد أبو تريكة، بصفته صاحب ضربة الانطلاق، وجزءاً من حملة الترويج القطرية، والذي ناله أيضاً جزء هام من الحساسية ضده، خصوصاً من نخبٍ منسحقة للغرب، وملكية أكثر من الملوك، في الدفاع عن كلّ ما هو شاذّ، نكاية فقط في الإسلاميين وكلّ محسوب عليهم أو داعم لهم. كما حضر الرئيس عبد الفتاح السيسي افتتاح المونديال في قطر، والتقى على هامشه الرئيس التركي أردوغان.

*انقسمت التعليقات والانحيازات بشأن هذا الحدث من نقد نمط الإنفاق إلى الانجرار خلف النقد الغربي لحقوق العمال والمثليين إلى التعليق الثقافوي على المحتوى والموقف من التمسّك القطري بالتراث والتوفيق مع الحداثة إلى مقارنات سخيفة.

*انتقد بعضهم، ومن منطق يساري، الإنفاق الكبير على لعبة رياضية في ظل هذه الأعداد من الفقراء والجوعي والمرضى واللاجئين في العالم، وبغض النظر عن أن قطر لم تكن هي ولا سياساتها سببا في أيٍّ من هذه الكوارث والأزمات، لكن من قال إن قطر لا تنفق معونات تنموية ومنحا، وبمراجعة بسيطة سندرك أنها ضمن أكبر داعمي عملية إعادة إعمار غزّة ومقدمي المساعدات للصومال والسودان واليمن ومخيمات اللجوء السوري وغيرها، والتنمية أكبر من مجرّد مساعدات، وأن مجموع هذا لا يقارن بما يقال إنها أنفقته على كأس العالم. ولكن عديدين من هؤلاء لا ينتقدون حتى الدول التي استعمرت هذه البلدان ونهبتها، بل بالعكس يعيشون هناك ويشجّعون منتخباتها غالبا ضد منتخبات أفريقيا والمنطقة العربية. بعض هؤلاء يجعل من يؤيديون هذا النمط من الإنفاق في الكفة نفسها مع من يؤيدون المشاريع العملاقة للبنية التحتية في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة. والحقيقة أن هذه مغالطة كبرى، فمن يموّل مشروعاته بفوائض مالية ومدّخرات ليس كمن يستدين لعمل مشروعات وهمية لن يستطيع أن يدخلها غالبية شعبه.

*ونوع ثان، يمكن أن يسمّى يساراً طفولياً أو مدّعي اليسار، ويتعامل وكأنّنا نعيش في كومونة باريس، وأنّ القيادة القطرية كانت قيادة شيوعية انحرفت عن أهداف المجتمع الأممي، وأنّ عليه أن يحارب الفساد لتنصلح البلاد، ويرى أن هذه أموالنا ونفطنا وثرواتنا. ولكن إذا حدثتهم عن مشكلة في فلسطين أو اليمن وليبيا وسورية تجده نفسه يقول لك إنه لا علاقة لنا نحن بالعرب، نحن مصريون فقط. .. وما دخل قطر بليبيا أو السودان أو فلسطين؟ يتحدّث هؤلاء عن الفساد في “فيفا” في بلد عمل كلّ شيء بالفساد ثم كانت المحصلة صفراً في عزّ مجد نظامه واستقراره ومعدّلات نموه التاريخية قبل الثورة.

ينتقدون قطر ويريدون أن يحدّدوا لها أولويات إنفاقها وسياساتها الداخلية والخارجية، بينما يمسكون الطبلة لنظم ديكتاتورية عسكرية في بلدانهم، وأقصى طموحاتهم لا يعدو مساعدة النظام في إيجاد سندٍ بنقد تيارات الإسلام السياسي أو المعارضة اليسارية أو نقد التاريخ، نقدا أكل عليه الدهر وشرب منذ قرن، وقيل بكل التعبيرات، بينما لا يقدرون أن يتدخلوا في عملية تحديد أولويات إنفاق مجلس قروي، ولا حتى ينتقدونها بعد تحديدها أوتوقراطياً.

نقلاً عن القدس العربي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: