باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

الصادق المهدي..الإمام الذي عاش منافحًا عن الديمقراطية وداعمًا لعزة وكرامة الشعب

1٬702

الخرطوم: باج نيوز

صفحةٌ من تاريخ السودان، طويت فجر اليوم “الخميس” السادس والعشرون من نوفمبر بوفاة آخر رئيس وزراء منتخب، رئيس حُزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا بدولة الإمارات العربية المُتحدة التي غادر إليها مُستشفيًا في الثالث من أكتوبر.

رحيلٌ مُر، وكلماتٌ تتقاصر أمام تاريخٍ عظيم خطهُ الرجل بنضاله، ولعل أبلغ ما قيل في وفاته “اليوم يكتمل يُتمُ السودان”، فقد رحل المنافح عن الديمقراطية والداعم لعزّة وكرامة شعبه طيلة عمره.

الصادق المهدي

في التاسع والعشرين من أكتوبر أعلنت أسرة الإمام الصادق المهدي إصابتهُ بفيروس كورونا وبعد أيام تمّ نقل الإمام الصادق إلى دولة الإمارات العربية المُتحدة للعلاج.

وقبيل إعلان وفاته فجر اليوم “الخميس” ناشد حزب الأمّة الشعب السوداني بالدعاء للإمام الصادق المهدي، الدعواتُ والإبتهال لم ينقطع ولم يتوقف، لكنّها يدّ القدر حملت روحهُ وصعدت إلى السماء.

كان آخر ما خطهُ الإمام الصادق المهدي عقب إصابته بالفيروس في الخامس من نوفمبر: أصبتُ بداء كورونا منذُ 27 أكتوبر 2020م، فاجعةٌ مؤلمة وضعتني في ثياب أيوب (إذ نادى ربهُ أني مسني الضُر وأنت أرحم الراحمين).

من ظن أنهُ لا يخطيء فقد أمن مكر الله وأنا منذُ دهرٍ أردد في صلاتي: اللهم إنّك تتوّد إليّ بنعمك وأتبغضُ إليك بالمعاصي ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك فعد بفضلك وإحسانك عليّ إنك أنت التواب الرحيم.

إن ألم المرض خير فترةً لمراجعة الحسابات الفردية والأخلاقية والإجتماعية، أمرين هما بلسم الحياة : الإيمان بالله (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسًا ولا رهقا)، والثاني حب الناس: إن نفسًا لم يُشرق الحبُ فيها هي نفسٌ لم تدر ما معناها.

صحيح بعضنا أحس نحوي في المرض بالشماتة ولكن والله ما غمرني من محبة لا يجارى، وقديمًا قيل: ألسنة الخلق أقلام الحق.

سيرة ذاتية

عن  (84 عامًا) رحل الإمام لصادق المهدي الذي كان المهدي رئيسًا للوزراء في السودان حتى أطيح به عام 1989 في الانقلاب العسكري الذي أوصل الرئيس المعزول السابق عمر البشير إلى السلطة.

هو الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي ولد في الـ 25  ديسمبر 1935، حفيد عبد الرحمن الابن الثالث لمفجر الثورة المهدية الإمام محمد أحمد المهدي والذي استطاع هزيمة الأتراك وإنهاء حقبتهم الاستعمارية في السودان 1885.

كانت دراسته بين الخلوة في حي العباسية بمدينة أمدرمان وخلوة الجزيرة أبا حيث التحق بالكتاب ليعود إلى أمدرمان ويدرس المرحلة الابتدائية بمدرسة الأحفاد .

ووفقًا لتقارير بدأ دراسة المرحلة الثانوية في مدرسة كمبوني “الخرطوم” – وواصلها في كلية فكتوريا “الإسكندرية” من 1948 – 1950، ترك الكلية وهاجر التعليم النظامي، رافضًا لعدة مظاهر بالكلية تسلخ الطلاب عن هوياتهم العربية والإسلامية. ورجع لبلاده ملازما للشيخ الطيب السراج لينهل من علوم الفصحى وآدابها.

التحق الصادق بطلبة السنة الأولى لكلية العلوم في الفصل الأخير من العام حيث دخل الجامعة في يوليو 1952م وكان العام الدراسي ينتهي في ديسمبر. وكان يحضر المحاضرات صباحا، ويواصل تلقي دروس العربية من الشيخ الطيب السراج عصرا، ثم يدرس مساء للحاق ما فاته والتحضير لامتحان السنة النهائية.

انخرط الصادق في صفوف المعارضة وبعد ذلك دخل المعترك السياسي الذي جعل همه لخدمة قضية الديمقراطية والتنمية والتأصيل الإسلامي في السودان.

كان بروز المهدي في ساحات العمل السياسي في معارضة نظام الرئيس الأسبق ابراهيم عبود المدخل للإمام الصادق وفي أكتوبر 1961 توفي والده الإمام الصديق الذي كان رئيسًا للجبهة القومية المتحدة لمعارضة نظام عبود، وقد شارك بفعالية في معارضة نظام عبود واتصل بنشاط الطلبة المعارض، كما كان من أوائل المنادين بضرورة الحل السياسي لمسألة الجنوب، حيث أصدر كتابه “مسألة جنوب السودان” في إبريل 1964م، ونادى فيه بالأفكار التي كانت أساس الإجماع الوطني لاحقا من أن مشكلة الجنوب لا يمكن أن تحل عسكريًا.

رئيس لحزب الأمة

انتخب الصادق المهدي رئيسًا لحزب الأمة في نوفمبر 1964م، وقاد حملة لتطوير العمل السياسي والشعار الإسلامي وإصلاح الحزب في اتجاه الشورى والديمقراطية وتوسيع القاعدة، استغلها البعض لإذكاء الخلاف بينه وبين الإمام الهادي المهدي مما أدى لانشقاق في حزب الأمة وصار رئيسا للوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية مع الحزب الوطني الاتحادي في 25 يوليو 1966م- خلفا للسيد محمد أحمد محجوب الذي كان رئيسا للوزراء عن حزب الأمة .

خاض حزب الأمة انتخابات 1968م منشقا ثم التأم مرة أخرى في 1969م

عد وصول النميري إلى السلطة قاد حملة ضد حزب الأمة القومي اعتقل على إثرها الصادق المهدي ثم تعرض لمحاولة اغتيال. أبعد الصادق عن الكيان واعتقل في 5 يونيو 1969 في مدينة جبيت بشرق السودان ثم حول لسجن بور تسودان ثم اعتقل بمدينة شندي، ثم نفي إلى مصر ووضع تحت الإقامة الجبرية، ثم أرجع لسجن بور تسودان معتقلا حتى مايو 1973.

أطلق سراحه لعدة أشهر ثم اعتقل بعد انتفاضة سبتمبر 1973م، عاد الصادق بعدها نزيلا بسجن بورتسودان (من ديسمبر 1973- حتى مايو 1974م) وكتب خلال هذه الفترة: “يسألونك عن المهدية”.

في 8 سبتمبر 1983م أعلن النظام المايوي ما أسماه الثورة التشريعية، التي اعتبرها السيد الصادق المهدي أكبر تشويه للشرع الإسلامي، وعقبة في سبيل البعث الإسلامي في العصر الحديث، وجاهر بمعارضتها في خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1403هـ الموافق 18 سبتمبر 1983م، فاعتقله النظام المايوي (في 25 سبتمبر 1983م.

أطلق سراحه في ديسمبر 1984م. فخرج يقود المعارضة للنظام من الداخل ويتناغم مع الغضبة الشعبية التي أثمرت ثورة رجب/إبريل 1985م.

أبريل 85

بعد نجاح ثورة إبريل 1985 تشكلت حكومة انتقالية عمرها عام واحد وجرت بعدها انتخابات عامة ( إبريل 1986م) حصل حزب الأمة فيها على الأكثرية، وانتخب السيد الصادق رئيسا للوزراء .

 

انقلاب الإنقاذ

اعتقل الصادق المهدي في 7/7/1989م وقد كان بصدد تقديم مذكرة لقادة الانقلاب وجدت معه. حبس في سجن كوبر حتى ديسمبر 1990.

في 1 أكتوبر 1989م تعرض للتصفية الصورية والتهديد فكتب شهادته عن فترة حكمه: كتابه عن “الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة”. وفي أكتوبر 1989م وقع مع قادة القوى السياسية الموجودين داخل السجن “الميثاق الوطني”.

في ديسمبر 1990 حوّل للاعتقال التحفظي في منزل زوج عمته بالرياض (بروفسور الشيخ محجوب جعفر)، حيث سمح لأفراد أسرته بمرافقته، أطلق سراحه في 30 إبريل 1992.

تعرض للتحقيقات المطولة والاعتقالات المتوالية في: 1993، يونيو 1994، واعتقال “المائة يوم ويوم” من مايو إلى سبتمبر 1995.

هاجر سرا في فجر الاثنين التاسع والعشرين ديسمبر 1996 قاصدا إرتريا سميت عملية الهجرة: تهتدون .

التحق بالمعارضة السودانية بالخارج، وبدأ أكبر حملة دبلوماسية وسياسية شهدتها تلك المعارضة منذ تكوينها، في أول مايو 1999م استجاب لوساطة السيد كامل الطيب إدريس للتفاوض مع النظام فتم لقاء جنيف بينه وبين الدكتور حسن الترابي.

في 26 نوفمبر 1999م تم لقاء جيبوتي بينه وبين الرئيس البشير وعقد حزب الأمة اتفاق نداء الوطن مع النظام في الخرطوم، وذلك تحت رعاية الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي.

في 23 نوفمبر 2000 عاد للبلاد في عملية أطلق عليها اسم “تفلحون”، وذلك للقيام بالتعبئة الشعبية والتنظيم الحزبي، في العام 2014م ووجهت له تهم تصل عقوبتها للإعدام بسبب حديثه عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في دارفور.

في 2014/8/8م وقع باسم حزب الأمة مع الجبهة الثورية السودانية إعلان باريس.

ظل الصادق المهدي بعدها متنقلًا بين عواصم العالم للملمة شتات القوى السياسية المعارضة لنظام الإنقاذ قبل أن يعود في العام 2017م ويبقى في الداخل على رأس عملية التنسيق بين الأحزاب والقوى المعارضة لنظام الإنقاذ وحين اندلاع الثورة في ديسمبر من العام 2018 كان حزب المهدي من أوائل الموقعين على إعلان الحرية والتغيير ضمن التحالف الذي قاد الثورة التي أسقطت نظام الرئيس البشير في إبريل من العام 2019.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: