حسن الكوباني: بطلان نفويض اللجنة الدائمة إختصاصات المحكمة المستقلة

إنتفاء وجود الغرفة يعني اللجوء إلى المحاكم العادية

أصدر مجلس إدارة الإتحاد السوداني لكرة القدم بتاريخ 12 يناير الجاري قراراً بالتمرير قضى بتفويض لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين إختصاصات غرفة فض المنازعات الوطنية وذلك عملاً بأحكام المادة (53) الفقرة (2) من النظام الأساسي 2017 مقروءة مع المادة (34) من لائحة أوضاع وإنتقالات اللاعبين .
أود أن أبادر فأقول ان هذا التفويض المعيب يخالف إشتراطات الصلاحية القانونية اللازم توافرها في آلية فض منازعات العمل بين اللاعب والنادي، كما ينتهك حكم المادة (22) الفقرة (ب) من اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم وتحديداً فيما يتعلق بالفصل في منازعات العمل بين اللاعبين والأندية في حال عدم وجود غرفة وطنية لفض المنازعات .
إن التفويض الذي يعهد إلى لجنة دائمة (لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين) إختصاصات محكمة تحكيم مستقلة (غرفة فض المنازعات الوطنية) إنما هو تخبط وتهريج يتمثلان في أن تقضي هذه اللجنة – معدومة الأهلية القانونية – في منازعة عمل تتعلق بحقوق النادي ومورد رزق اللاعب !
ماهية غرفة فض المنازعات الوطنية
ورد بديباجة لائحة الفيفا النموذجية لغرفة فض المنازعات الوطنية ما يلي: “أنشأ الإتحاد الدولي (فيفا) غرفة فض المنازعات كمحكمة تحكيم وفقاً لمبدأ التمثيل المتعادل للأندية (أصحاب العمل) واللاعبين (العمال)
بموجب المادة (1) من اللائحة النموذجية، تختص غرفة فض المنازعات الوطنية بالفصل في منازعات العمل والإستقرار التعاقدي وكذلك تلك المتعلقة بالتعويض عن التدريب والمساهمة التضامنية بين الأندية المنتمية إلى نفس الإتحاد .
متطلبات الصلاحية القانونية لغرفة فض المنازعات الوطنية
سوف أتناول أدناه متطلبات الصلاحية القانونية كما حددتها لائحة الفيفا النموذجية وأبين بالتعليق مدى إستيفاء لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين لها حتى يمكن إعتبارها مختصة للفصل في منازعة العمل بين اللاعب والنادي .
أولاً: معايير إلزامية
يجب أن تكون غرفة فض المنازعات الوطنية مستقلة .
تعليق: لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين هي لجنة دائمة بموجب المادة (45) من النظام الأساسي ويعينها مجلس الإدارة.
(ب) يُستمد الإختصاص الحصري لغرفة فض المنازعات الوطنية من مرجعية واضحة محددة في عقد عمل اللاعب المحترف.
تعليق: لا يوجد أي ذكر لغرفة فض المنازعات الوطنية في عقود اللاعبين بالإتحاد .
(ج) يجب أن تضمن غرفة فض المنازعات الوطنية المختارة بواسطة الأطراف إجراءآت عادلة وتحترم مبدأ التمثيل المتعادل للأندية واللاعبين .
تعليق: لا يوجد تمثيل للأندية واللاعبين في عضوية لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين .
ثانياً: تعميم الفيفا بالرقم (1010) والقواعد الإجرائية للغرفة
حدد الإتحاد الدولي (فيفا) في التعميم رقم (1010) بتاريخ 20 ديسمبر 2005 القواعد الإجرائية بالحد الأدنى التي يتوجب على محكمة التحكيم (الغرفة) إقرارها حتى يمكن تصنيفها مستقلة ومكونة حسب الأصول وهي كالتالي:-
مبدأ التمثيل المتعادل في تشكيل المحكمة (ب) إستقلالية وحيدة المحكمة (ج) مبدأ السماع العادل (د) الحق في المعاملة المتساوية
ثالثاً: اللائحة النموذجية … سارية منذ 1 يناير 2008 !
بالإضافة إلى ما تقدم، فقد جرى تطبيق لائحة الفيفا النموذجية لغرفة فض المنازعات الوطنية بموجب التعميم رقم (1129) بتاريخ 28 ديسمبر 2007 بغرض تأسيس نظام وطني لفض المنازعات، وقد عكست لائحة غرفة فض المنازعات الوطنية – دخلت حيز التنفيذ إعتباراً من 1 يناير 2008 – مبادئ غرفة فض المنازعات بالإتحاد الدولي (فيفا)، إذ تشترط تطبيق النظام الأساسي للإتحاد الدولي (فيفا) ولوائحه وتحديداً تلك المعتمدة بناءأً على توافقها مع النظام الأساسي للإتحاد الدولي (فيفا) ولوائحه.
رابعاً: تشكيل غرفة المنازعات الوطنية
بناء على احكام المادة (3) من اللائحة النموذجية، تتكون غرفة فض المنازعات الوطنية من الأعضاء التاليين الذين تستمر دورة عملهم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد :-
1/ رئيس ونائب رئيس يتم إختيارهما بالتوافق من قبل ممثلي اللاعبين والأندية وفقاً لقائمة المرشحين المؤلفة من خمسة أشخاص على الأقل والمقدمة من مجلس إدارة الإتحاد الوطني .
تعليق: رئيس لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين يتقلد منصب نائب رئيس الإتحاد ويتمتع نائبه بعضوية مجلس إدارة الإتحاد السوداني لكرة القدم مما يتعارض مع المادة (6) من اللائحة النموذجية التي تقرأ:”لا يجوز لأعضاء غرفة فض المنازعات الوطنية أن يكونوا أعضاء بالجهاز التنفيذي”
2/ ما بين ثلاثة إلى عشرة (3-10) ممثلين للاعبين، يتم انتخابهم أو تعيينهم بناء على ترشيح رابطة اللاعبين المحترفين المنتسبة إلى عضوية الإتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين (FIFPro)، وفي حال عدم وجود هذه الرابطة، يكون الإختيار بموجب إجراء يوافق عليه الإتحاد الدولي (فيفا) والإتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين (FIFPro).
3/ ما بين ثلاثة إلى عشرة (3-10) ممثلين للأندية، يتم إنتخابهم أو تعيينهم بناء على ترشيح من الأندية أو رابطة الدوري.
تعليق: عدم تمثيل اللاعبين والأندية، يعني إنتفاء الأهلية القانونية للجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين كمحكمة تحكيم مستقلة تتبع الوسائل البديلة لفض منازعات العمل بين اللاعبين والأندية .
4/ يجب ان يكون رئيس الغرفة ونائبه محامين مؤهلين (qualified lawyers)
تعليق: لا يتوافر هذا الشرط الوجوبي في رئيس لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين ونائبه .
إنتفاء وجود غرفة فض المنازعات الوطنية …. ما البديل ؟
بطلان التفويض واللجوء إلى المحاكم المدنية
كما أسلفنا القول أن لجنة أوضاع وإنتقالات اللاعبين لا يمكن أن تكون بديلاً – حتى ولو بصفة مؤقتة – لغرفة فض المنازعات الوطنية نظراً لعدم إستيفائها متطلبات الصلاحية أو الأهلية القانونية التي تشترطها اللائحة النموذجية مثل الإسـتقلالية والحيدة والتمثيل المتعادل للاعبين والأندية في عضويتها وعدم الجمع بين عضـوية الغرفة ومجلس إدارة الإتحاد … إلخ واللازمة لتصنيفها محكمة تحكيم مستقلة مكونة حسب الأصول للفصل في منازعات العمل التي قد تنشأ بين اللاعب والنادي .
بيد أن ذلك لا يعني حرمان اللاعب والنادي من حقهما في اللجوء إلى القضاء لحل المنازعات الناشئة بينهما، وطبقاً للمادة (22) من اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم، فإنه يجوز للاعبين والأندية (بالإضافة إلى المدربين) اللجوء إلى المحاكم المدنية فيما يتعلق بمنازعات العمل، وفي هذا تنص المادة المذكورة على الآتي:”دون الإخلال بحق أي لاعب أو ناد في السعي لإسترداد حقوقه أمام محكمة مدنية بشأن منازعة عمل، يكون للإتحاد الدولي (فيفا) …”
علاوة على ما تقدم، أورد تعليق الفيفا بشأن تفسير المادة (22) الفقرة (ب) من اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم الذي يقرأ:”… ومن ناحية أخرى فإن المنازعة بين لاعب يحمل جنسية البلد الذي ينتمي إليه النادي ويقع هذا النادي تحت الولاية القضائية الحصرية لمحكمة تحكيم رياضية (أو محاكم مدنية حسبما تكون الحالة) عندما يقوم اللاعب بالتسجيل لنادي في نفس الإتحاد، أو بمعنى آخر أنه في حال عدم وجود غرفة وطنية لفض المنازعات بالإتحاد الوطني أو تقع منازعة العمل بين اللاعب والنادي خارج نطاق صلاحيتها (على سبيل المثال، إذا لم يكن اللاعب مسجلاً بصورة رسمية بالنادي)، فيتوجب على الأطراف السعي لإسترداد حقوقهم من خلال محكمة عادية.
قاضي الغرفة الدولية: لائحة الفيفا لا تمنع اللجوء إلى المحاكم المحلية
للتأكيد على تطبيق المادة آنفة الذكر، أشير إلى أحكام غرفة فض المنازعات بالإتحاد الدولي (فيفا) التي أقرت حق الأندية واللاعبين والمدربين في اللجوء إلى المحاكم المدنية بشأن منازعات العمل، فعلى سبيل المثال: قرار غرفة فض المنازعات بتاريخ 16 أكتوبر 2014 برئاسة القاضي الإنجليزي جيف تومسون، حيث جاء في الفقرة العاشرة من حيثيات القرار ان أحكام اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم لا تمنع اللاعبين والأندية من إحالة منازعات العمل التي تنشأ بينهم إلى المحاكم المحلية الوطنية، ويتسق هذا القرار مع تعليق الفيفا (FIFA Commentary) بشأن تفسير المادة (22) من اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم .
درس من كاس .. رئيس الغرفة والحيدة
في الدعوى التحكيمية كاس 2018/أ/ 5659 – نادي الشارقة الإماراتي ضد اللاعب البرازيلي ليوناردو دا سيلفا ليما والإتحاد الدولي (فيفا)، أقرت هيئة المحكمة رفض إستئناف نادي الشارقة بشأن إختصاص غرفة فض المنازعات الوطنية لإتحاد الإمارات لكرة القدم للفصل في منازعة العمل بين اللاعب البرازيلي والنادي وفقاً لشرط الإختصاص الحصري المنصوص عليه بعقد العمل المبرم بين الطرفين، وقد عللت المحكمة قرارها بوجود شكوك معقولة بشأن حيدة (impartiality) رئيس الغرفة ونائبه حيث لم يتسن لمجموعة اللاعبين ممارسة تأثير مكافئ لتأثير الأندية في عملية إختيار رئيس الغرفة ونائبه ومرد ذلك أن لائحة الغرفة الإماراتية لم تشترط إختيارهما بالتوافق (by consensus) بين ممثلي اللاعبين والأندية طبقاً لتعميم الإتحاد الدولي (فيفا) رقم (1010) واللائحة النموذجية لغرفة فض المنازعات الوطنية.
عزيزي القارئ: لك أن تعلم
أولاً: رفضت محكمة التحكيم الرياضي ((CAS إستئناف في منازعة عمل بسبب شكوك معقولة حول حيدة رئيس الغرفة الوطنية لفض المنازعات بينما يفوض مجلس إدارة الإتحاد السوداني لكرة القدم لجنة دائمة – يقوم يتعيينها – إختصصات محكمة مستقلة !
ثانياً: إستسهال الحلول لتغطية إغفال الإتحاد في إنشاء غرفة فض المنازعات الوطنية أدى إلى إنتهاك المادة (22) الفقرة (ب) من اللائحة الدولية لأوضاع اللاعبين وإنتقالاتهم التي تجيز لكل من النادي واللاعب اللجوء إلى القضاء وتحديداً في منازعات العمل
ثالثاً: لائحة الإتحاد الدولي (فيفا) النموذجية لغرفة فض المنازعات الوطنية نافذة إعتباراً من 1 يناير 2008 وإكتشفها الإتحاد السوداني في يناير 2021 !
واالله من وراء القصد موفقاً ومعيناً