باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

حسن الكوباني: التفتيش المالي تمليه الإدارة الرشيدة لأموال الدولة

2٬273

كتب المهندس حسام هاشم، السكرتير العام للجنة الأولمبية السودانية رداً على مقالي بعنوان “اللجنة الأولمبية والمفوضية وبينهما التفتيش المالي” الذي نشر في بعض المواقع والصحف الإلكترونية والورقية يومي الأربعاء والخميس 13 و14 من الشهر الجاري
إستهل موضوعي في المبتدأ بإزجاء الشكر والتقدير إلى الأخ حسام على إهتمامه وتفاعله المحمودين مع ما أخطه بين الفينة والأخرى من مقالات في الشأن الرياضي، كما لا يفوتني أيضاً إلا وأن أشكر الصديق العزيز المهندس أحمد ابوالقاسم هاشم، السكرتير العام لإتحاد اللجان الأولمبية الوطنية الأفريقية (ANOCA) الذي كتب من قبل في ذات الموضوع، ومقالي هذا أتمثله تعقيباً على ردي الأخوين أحمد وحسام وذلك نظراً للتطابق في عديد النقاط المثارة من قبلهما.
إحترام القوانين الوطنية لا يعني التبعية
إبتدر المهندس حسام هاشم حديثه منوهاً إلى ضرورة بناء العلاقة بين السلطات الحكومية والمنظمات الرياضية على فكر التعاون والشراكة بدلاً عن التبعية، وتجدني متفقاً مع الأخ حسام فيما ذهب إليه لأن ذلك هو ما تحض عليه التوصية (28) من الأجندة الأولمبية 2020، ولكن بدوري أسأله: هل إحترام القانون الوطني (أي قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2016) عبر الخضوع للتفتيش المالي بواسطة المفوضية يعني التبعية؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في التعهد الذي قطعه الألماني توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في إجتماعها بنيويورك عام 2013 بأن تحترم المنظمات الرياضية القوانين الوطنية مستدعياً مفهوم “الإستقلالية المسؤولة”
ما علاقة التفتيش المالي بمناهضة مشروع قانون الشباب والرياضة 2020 ؟
نوَه السكرتير العام للجنة الأولمبية – بغير مقتضى من الحال – إلى أن اللجنة كانت قد أعلنت مناهضتها لمشروع قانون الشباب والرياضة 2020 الذي كانت تعتزم الدولة سنه عبر لجنة قانونية دون تشاور مع المكونات الرياضية على حد تعبيره، ولذلك عنّ لي أسأله: ما علاقة مناهضة اللجنة الأولمبية لمشروع قانون الشباب والرياضة 2020 مع عملية التفتيش المالي التي تفرضها المادة (19 – أ – د) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2016 وهو قانون نافذ وواجب التطبيق؟
إنكار المدير التنفيذي للتفتيش المالي والموقف الرسمي للجنة الأولمبية
ذكر السكرتير العام للجنة الأولمبية ان التعميم الصحفي الذي أصدرته المفوضية الوطنية يشي بأن اللجنة الأولمبية متهربة وتناهض الدولة في بعض حقها، وقدّر في حديثه أنه – أي التعميم الصحفي – لا يعدو كونه نوع من محاولة الضغط على هيئة رياضية عريقة عانت خلال العهد الماضي! وأقول له لا مراء في تلك المعاناة، بيد أنها كانت صراعاً نفسياً بين الصدع بالحق – كما يمليه الميثاق الأولمبي – أو إيثار السلامة في الصمت المطبق الذي مارسته اللجنة الأولمبية عندما تم إحتلال مقر الإتحاد السوداني لكرة القدم (عضو اللجنة الأولمبية السودانية) بالقوة الجبرية في الأول من شهر يوليو 2017 بناءً على قرار وكيل وزارة العدل، وللأسف الشديد فقد آثرت الخيار الأخير وتقاعست عن القيام بواجبها في حماية أعضائها وذلك بإخطار اللجنة الأولمبية الدولية عن هذا التدخل السلطوي السافر وغير المسبوق في شئون أحد أعضائها.
أعود إلى التعميم الصحفي الصادر عن المفوضية الوطنية، وأقول كان من البدهي على السكرتير العام للجنة الأولمبية أن يعمل على تقويم أي إنحراف عن الحقيقة – إذاحدث – ورد بالتعميم، إذ تستوجب المساءلة أمام أصحاب المصلحة والرأي العام توضيح الموقف الرسمي للجنة الأولمبية من عملية الرقابة والتفتييش المالي، وعما إذا كان إنكار المدير التنفيذي للجنة الأولمبية – وفقاً لما جاء بالتعميم الصحفي – لحق المفوضية في التفتيش المالي يجئ تعبيراً عن الموقف الرسمي للجنة الأولمبية !
نماذج تحتذى من بلاد الإغريق وأرض الفراعنة ونحن نمشي القهقري على أعقابنا
ولكيما تكتمل الصورة، إذاً لابد أن نتساءل: لماذا تطاول أمد التفتيش المالي لأكثر من عشرة أشهر (23 فبراير ولغاية 24 ديسمبر 2020)، فالأصل في التفتيش المالي ان يكون بغتة، وإن ما فرضه وأوجبه المشرع في قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2016 على هذا النحو إنما هو أصل تمليه الإدارة الرشيدة لأموال الدولة، ولا يعد من اعمال الضغط أو التأثير السياسي أو التدخل في شأن المنظمات الرياضية كما حاول السكرتير العام للجنة الأولمبية تصوير ذلك دونما إعتكاز على سند من الواقع والقانون، والتاريخ يحدثنا عن تلكم المداهمة لمقر إتحاد كرة القدم ببلاد الإغريق مهد الأولمبياد في يناير من العام المنصرم والتي وصفها المتحدث بإسم الإتحاد اليوناني لكرة القدم بأنها نمط عادي للرقابة نص عليه قانون الإتحادات الرياضية.
والدرس الثاني تقدمه لنا الجارة الشمالية … مصر المؤمنة بأهل الله، ويتمثل في الخبر الذي نشره موقع اليوم السابع يوم الأربعاء 13 يناير 2021 وعنوانه (لجان تفتيش جديدة في إتحاد كرة القدم لفحص تعاقدات آخر 5 سنوات) ووفقاً لما جاء في الخبر فأن اللجان تضم ممثلين عن وزارة الشباب والرياضة والجهاز المركزي للمحاسبات وجهات رقابية أخرى.
مراجعة الحسابات لدى المراجع القومي بالإختيار الطوعي لا بقوة القانون؟
إنه لمن المحزن حقاُ أن يقرأ المرء في رد السكرتير العام للجنة الأولمبية هذه العبارة (” … إلا أن اللجنة الأولمبية السودانية ولمزيد من الشفافية إختارت طواعية ان تراجع حساباتها سنوياً لدى المراجع العام لجمهورية السودان، …”، وينتابني الأسى عندما يدور بخلدي أن اللجنة الأولمبية التي تمثل قمة الهرم الرياضي تستنكف الخضوع للقوانين بجمهورية السودان ولكنها تتبضع ما تختاره طوعاً من قوانين الدولة ومؤسساتها دونما إلتزام صريح بالحكم الوجوبي للمادة (29) بعنوان (المراجعة) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2016 التي تقرأ :”يجب على هيئات الشباب والرياضة تقديم ميزانية مراجعة ومعتمدة من ديوان المراجعة القومي في فترة ثلاثة أشهر بعد نهاية كل سنة مالية”.
وكما يقول فقهاء القانون :” من العسير التفرقة بين وجود القانون وبين نفاذه، فوجود القانون يقتضي حتماً نفاذه طالما هو يضع نظاماً للمجتمع، ذلك أن تعليق النفاذ برغبة المكلفين يتبعون القانون أو يخالفونه يؤدي ألى إختلال نظام المجتمع، وهو ما يفقد القانون وظيفته وغايته”.
التاريخ الفوري يحدثنا عن الصمت المطبق
ومرة أخرى يحاول السكرتير العام للجنة الأولمبية إيهامنا أن وزيرة الشباب والرياضة قد تراجعت بتاريخ 25 أكتوبر 2019 عن قرارها بوقف إنعقاد الجمعيات العمومية للإتحادات الرياضية الذي أصدرته قبل يوم واحد (بتاريخ 24 اكتوبر 2019) إستجابة لما بذلوه من جهود – يبدو أنها كانت خفية – حيال ذلك وهو زعم لا يمت للواقع بصلة بدليل أن الوزيرة أعلنت في الرابع من شهر يناير 2020 (أي بعد مضي أكثر من شهرين من نصح اللجنة الأولمبية المزعوم) عن عدم شرعية إتحاد كرة الطاولة أمام حشد جماهيري بقاعة الصداقة .
وهل أنا في حاجة إلى أن أستدعي ما صدعت به في مقالي بصحيفتي اليوم التالي والصدى بتاريخ 3 نوفمبر 2019 بشأن قراري الوزيرة حيث قلت :”قرار وزيرة الشباب والرياضة بوقف إنعقاد الجمعيات العمومية للإتحادات الرياضية أو القرار الناسخ له – على حد قولها –  بتأجيل أنعقادها هما سيان عند اللجنة الأولمبية الدولية بإعتبارهما – الناسخ والمسوخ – إنتهاكاً للميثاق الأولمبي وتدخلاً سلطوياً” .
الأقوال إن قيست بالأفعال لا تتفق والواقع
إحتشد رد المهندس حسام هاشم في خاتمتة بعبارات المدح والتقريظ لعمل اللجنة الأولمبية السودانية وعن تمسكها بمبادئ الحوكمة الرشيدة من شفافية ونزاهة، بيد ان ما إسترعى إنتباهي العبارة التالية :”… وأن ميزانياتها المراجعة بواسطة المراجع العام لجمهورية السودان وموازناتها متاحة للجميع وفي أي وقت”. وبدوري أسأل الأخ حسام : هل يوجد رابط (Link) بالموقع الإلكتروني للجنة الأولمبية السودانية يتيح للجميع الإطلاع على التقرير المالي والحساب الختامي للجنة الأولمبية عن السنة المالية  2019؟ او حتى تحميل النظام الأساسي للجنة الأولمبية السودانية؟ ومما يثير الشفقة والرثاء معاً أنني قد حصلت وبكبسة زر على النظام للجنة الأولمبية الجنوب أفريقية 2015 (SASCOC) وعلى التقرير المالي للجنة الأولمبية البريطانية (BOA) عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2019 بينما أعياني الحصول على النظام الأساسي للجنة الأولمبية السودانية ! وخيبة الأمل تعتري المرء عندما  لا يجد رابطاً بموقع اللجنة الأولمبية الدولية يقود إلى موقع اللجنة الأولمبية السودانية مثل بقية اللجان الأولمبية الوطنية الأخرى، فأقوال السكرتير العام للجنة الأولمبية إن قيست بأفعال مجلس إدارته لا تتفق والواقع، وما كنت لديهم  إذ يشتجرون أيهم يشحن منحة المعدات والأدوات الرياضية من قطر إلى السودان !
بإختصار بلا إبتسار
الرأي السالب في القانون لا يعني عدم إتباعه
مراجعة اموال اللجنة الأولمبية وحسابها الختامي بواسطة المراجع القومي أو شركة المحاسبة (Pricewaterhousecoopers) لا تغني عن التفتيش المالي الذي يعتبر أحد آليات المساءلة والأنفتاح والشفافية المالية اللازمة للإدارة الرشيدة.
والله من وراء القصد موفقاً ومعيناً،                                                                               حسن الكوباني                                       24 يناير 2021م

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: