باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

يس علي يس : عفاف الصادق.. فجيعة وطن..!!

زفة ألوان

799

* لعل القلب اعتاد الفواجع، وهو يخوض كل يوم في حزن جديد، يغسل الدمع وجهه وواجهاته، وينكفيء بين كفين، ارهقهما الاتكاء ومراقبة المحن، يتمرغ ذكريات على تراب الوجيعة، ويصطلي بنيران الفراق عند اطلالة كل صباح، يرسل تلويحات الوداع، ويستف حقائب الرحيل، وكأن الدنيا قطار لا يعرف التوقف، وكأن نوافذه شرفات فيها الايادي مرفوعة، تلوح للمترجلين بلا ميعاد كل ما حانت لحظات الرحيل..!!
* رحلت عفاف الصادق، وهي غنية عن التعريف، تحمل صدقها بيمناها، ونقاءها في وجهها، والصوت المتوهج يتسرب في الحنايا، ويخترق الامكنة والازمنة فينشيء مدائن للغد، انوارها البشارات وشوارعها رفاهية الانسان، ودفقها ودفؤها هو نبض الوطن الذي أحبته عفاف حتى آخر دفقة في أنفاسها الطاهرة، فقد كانت مبنية من تراب هذه الارض، ومن نيلها، لم تنسها الغربة للحظة أن تكون نيلا اضافيا يغذي هذه الارض وهذه البلدات، فتزهر خضارا وتمتد اخضرارا مثل امنياتها الجميلة لنا..!!
* عفاف الصادق، كانت امرأة مطرزة بالخير وللخير، مرت فينا كنسمة، مازلنا نجتر فيها أحلى الذكريات، لم يسمح لنا الزمان بأن نلتقيها الا من خلال صوت إذاعي فخيم، وبرامج لا يسعك إلا أن تفسح لها مجالا في مقعدك لتقاسمك المكان، وتمنح الزمان فرصة أن يستقي من واحاتها في صحراء قاحلة، ووجع لا يرتاح إلا بمسكنات الفأل الذي كانت تبثه عفاف فينا، لذلك فقد كانت عفاف دولة احسنت إدارتها، وجمهورية لم تنتخب رئيسا غيرها، فكانت وطنا للفارين من الوطن، وملاذا لمن تقاذفتهم الظروف الطاحنة، وبلادا لا تعرف خرطة ولا جواز سفر..!!
* لن نتحدث عن ثنائية الصدق والوفاء والاخلاص التي جمعتها بالقامة والاستقامة الفنان الانسان ابو عركي البخيت، عركي المعفر بتراب الهموم لهذا الوطن، الجبل الذي فشلت كل ريح في زحزحته، او تحريك حصى صغيرة في جنباته، فكانت عفاف الارض وعركي الوتد الذي يثبت جنباتها والعكس، فأنت لا تفهم ولن تفهم طبيعة هذا الكوكب الخاص الذي صنعه الابداع الفنان ؛ وهذا النبع الصافي والارض الطيبة التي أزهرت نيلوفر واشقائها ليكون الجمال هو صفة المكان والامان الذي يلتجيء اليه حتى الخوف نفسه..!!
* وحين كانت شركة حصاد العملاقة تدشن البوم ” أضحكي”، كانت يوم رحيلك هي الاغنية التي جذبت الدهشة من تلابيبها، وصنعت من آهات الاعجاب مسبحة؛ ما زالت تتدلى في يد عركي ومحبيه، لأن عركي لم يبخل على الناس حتى باقتسام زهوه الانيق بالدكتورة عفاف، ورفيقة الدرب التي كانت سنده، كلما زاد الحمل، وارتجفت ساقاه تعبا، فتكون الزاد الذي لا يعرف النفاد..!!
* لم يحدث أن جربنا اضراب العيون عن الدموع، ولم نمر بيوم، نتأمل فيه الناس بشرود، لا ندري ما نريد، ولا اي وجهة نتجه، ولا اي افق ننتظره، فالفقد كبير، ربما أكبر من مجرد حزن عابر، نكفكف أدمعه بجيوبنا، ونسرق حزنه، فالعيون بواحة وفضاحة، وفي الخاطر ما يكفي من براكين الوجع، لتنفجر، حين نستوعب هذا الوجع وتلك الفجيعة، وننتظر الدعم لنحتمل هذا الالم الهائل الذي غشانا ذات صباح مسطور في اللوح العظيم ..!!
* ها نحن نقف على الرصيف، ونرفع الاكف بالوداع الاخير، لمن رحلت عنا دون سابق ميعاد، وندعو العزيز الرحيم أن يشملها بعفوه ورضاه ورحمته، مع الصديقين والشهداء وحسن أؤلئك رفيقا..!!
* مع رجاءات ممتدة وعشم جميل، بأن يتوقف أصدقائها بحوارات اللحظات الأخيرة، وعدم نشرها على الملأ، فتلك لحظات خاصة، وحروف خاصة، فاحترموا خصوصية الحوار ..!!
* أقم صلاتك تستقم حياتك..!!
* صل قبل أن يصلى عليك..!!
* ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!

التعليقات مغلقة.

error: